فإِذا ارتفع الأوليان على البدل، فاللذان في استحق من الضمير معنى
الوصية، المعنى فليقم الأوليان من الَّذِينَ استحقت الوصية عليهم، أو استحق
الِإيصاء عليهم.
وقال بعضهم: مَعْنَى (مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ) معناه: استُحِق
فيهم، وقامت " على " مقام " في " كما قامت " في " مقام " على " في قوله:
(وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) ومعناه: على جذوع النخل.
وقال بعضهم معنى على (مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ) كما قال:
(الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ) أي إِذا اكتالوا من الناس.
وقيل أن في " استحق " ذكر الِإثم، لأن قوله عزَّ وجلَّ: (فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ)
كان المعنى: الذين جَنِيَ الإِثْمُ عَلَيْهِم.
وقيل إِن " الأولَيَانِ " جائز أن يرتفعا باستحق، ويكون
معناهما الأوليان باليَمِينِ، أي بأن يُحلفا من يشهدُ بعدهما، فإِن جاز شهادة
النَّصرانيين كان " الأولَيَانِ " على هذا القول النصرانيين، أو الآخران من غير
بيت الميت.
وأجود هذه الأقوال أن يكون الأولَيَان بَدَلا، على أن المعنى:
لِيَقُمِ الأولَيَانِ من الذين استحق عليهم الوصية.
ومن قرأ (الأوَّلينَ) رده على الذين، وكان المعنى من الذين استحق عليهم الإِيصاء الأولين.
واحتج من قرا بهذا فقال: أرأيت إِن كان الأولَيَانِ صغيرين؟.
* * *
وقوله: (ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (١٠٨)
أي ذلك أقرب من الإتيان بالشهادة على وجهها، وأقرب إِلى أن يخافوا.
* * *
وقوله: (يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (١٠٩)