وقوله: (إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا (٩٠)
أي فاقتلوهم إلا من اتصل بقوم بينكم وبينهم ميثاق.
ويروى أن هؤُلاءِ اتصلوا ببني مُدْلج وكانوا صلحاً للنبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقوله: (أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ).
معناه ضاقت صدورهم عن قتالكم وقتال قومهم.
وقال النحوُيون إن (حَصِرَتْ صُدُورُهُم) معناه أو جاءُوكم قد حَصِرَت صُدورُهم، لأن حَصِرَتْ لا يَكونُ حالاً إلا بقد، وقال بعضهم حصرت صدورهم خبر بعد خبر، كأنه قال: أو جاءُوكم، ثم أخبرَ فقال: (حَصِرتْ صُدُورُهُم أن يُقاتلوكم).
* * *
وقوله جلَّ وعزَّْ: (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ) أي ضيقَ
صُدورِهم عن قتالكم إِنما هو لقذف اللَّه الرعبَ في صدورهم.
وقرأ بعضهم
" حصِرةً صُدُورُهُم " على الحال.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (٩١)
ستجدون من يظهر لكم الصلح ليأمنكم، وإذا سنحت فتنة كانوا مع
أهلها عليكم.
وقوله: (كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا).
أي انتكسوا عن عهدهم الذي عقدوه.
وقوله: (فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ).
أي فإِن لم يعتزلوا قتالكم ولم يعاونوا عليكم.