للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقرئت (أَوْ مِنْ وَرَاءِ جِدَارٍ) - على الوَاحِد - وقُرئت بتسكين الدال.

فمن قرأ (جُدُرٍ) فهو جمع جدار وجُدُرٍ مثل حمار وَحُمُرٍ.

ومن قرأ بتسكين الدال حذف الضمة لِثِقَلِهَا كما قالوا صُحْفٌ وَصُحُفٌ. ومن قرأ (جِدَارٍ) فهو الوَاحِد.

فأعلم اللَّه عزَّ وجلَّ أنهم إذا اجتمعوا على قتالِكم لما قذف اللَّه في قلوبهم مِنَ

الرُعبِ لا يبرزون لحربكم إنما يقاتلون متحصنين بالقرى والجُدْرانِ.

وقوله: (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى).

أي مختلفون لا تستوي قلوبهم ولا يتعاونون بِنيات مُجْتَمِعَة لأن اللَّه -

- عزَّ وجلَّ - ناصر حزبه وخاذِل أعدائِه.

* * *

وقوله: (كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٥)

مثل ما نال أهل بَدْرٍ.

* * *

وقوله عزَّ وجلَّ: (كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (١٦)

أي مثل المنافقين في غرورهم لبني النضِير وَقَوْلهِم لَهُمْ: (لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ) -

(كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ)

وهو - واللَّه أعلم - يدل عليه قوله: (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ).

فكذلك المنافقون، لَمَّا نَزَلَ ببني النضِيرِ ما نزل تبرأوا منهم.

وقد جاء في التفسير أن عابداً كان يقال له بَرْصِيصَا كان يُدَاوِي مِنَ

الجُنُونِ فداوى امرأة فأعَجَبته فأغواه الشيطان حتى وَقَعَ بها ثم قتلها - ثم تبرأ

<<  <  ج: ص:  >  >>