أي لاتجد من يتوكل في رد شيء منه.
وقوله: (إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا (٨٧)
استثناء ليس من الأول، والمعنى ولكن اللَّه رحمك فأثبت ذلك في
قلبك وقلوب المؤمنين. ثم احتج اللَّه عليهم بعد احتجاجه بقوله
(قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا) بالقرآن فأعلمهم - وهم العرب العاربةُ أهل البيان، ولهم تاليف الكلام - فقال لهم:
(قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (٨٨)
والظهير المعينُ.
* * *
وقوله: (وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا
[(٩٠)]
هذا قولهم بعد أن انقطعت حجتهم ولم يأتوا بسورة من القرآن ولا دفعوا
أن يكون معجزةً، فاقترحوا من الآيات ما ليس لهم، لأن الذي أتاهم به من
القرآن وانشقاق القمرِ وما دلهم به على توحيد اللَّه أبلغ وأعجز في القدرة مما
اقترحوا، فقالوا: (حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا).
واليَنْبُوعُ تقديره تقدير يَفْعُول، من نبع الشيء.
* * *
وقوله: (أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا (٩١) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (٩٢)
(كِسَفًا) وَ (كِسْفًا)، فمن قرأ (كِسَفًا) جعلها جمع كِسْفَة، وهي القِطْعَةُ.
ومن قرأ (كِسْفًا) فكأنَّه قال أو تَسقِطُهَا طبَقاً عَلَيْنَا، واشتقاقه من كسفتُ الشيء إذا غطيته.
وقوله: (أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا).
في " قَبِيل " قولان، جائز أن يكون. تأمر بهم حتى نراهم مقابلة.
وأن يكون قبيلاً كفيلًا، يقال قَبُلْتُ بِهِ أقْبُل قَبالَة، كقولك: كفلت به أكفُل كَفَالَة،