بِسَفَرِنَا، ومن قرأ بَعُدَ بين أسْفارنا فالمعنى بَعُدَ ما بين أسفارنا، وَبَعُد
سيْرنا بين أَسْفَارِنا، ومن قرأ باعِدْ فعلى وجه المسألَةِ، ويكون المعنى
أنهم سئموا الرَّاحَةَ وبطِرُوا النعمَةَ، كما قال قوم موسى: (ادْعُ لَنَا رَبِّكَ
يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الأرْضُ - إلى قوله: (الذي هُوَ أدنى بالَّذِي هُوَ خَير).
(وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ).
أي فرقناهم في البلاد لأنهم لما أذهب الله بِجَنتَيْهِمْ وغرق
مَكانَهُم تبدَّدُوا في البلاد فصارت العَرَبُ تتمثل بِهم في الفرقَةِ فتقول:
تفرقوا أيْدِيَ سبَأ، وأيادي سَبَأ
قال الشاعِرِ:
مِنْ صَادِرٍ أو وَارِدٍ أَيْدي سَبَا.
وقال كثير:
أيادي سبا يا عز ما كنت بعدكم. . . فلم يحل للعينين بعدك منظر
* * *
(وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢٠)
(وَلَقَدْ صَدَقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ)
ويقرأ (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ) - برفع إبْلِيسَ ونصب الظن.
وصدقه في ظَنَه أَنًهُ ظَن - بهم إذا أغْوَاهم اتبَعوه فوجدهم كذلك فقال:
(فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ).
فمن قال (صَدَّقَ) نَصَبَ الظن لأنه مفعولٌ بِهِ، ومن خَفَّفَ فقال " صَدَق " نصب الظنَّ مصدراً