فيها اثنتان وأربَعُونَ حَلُوبَةً. . . سُودًا كخافِية الغُرابِ الأسْحَمِ
فجعل سُودًا نعتاً لحلوبةٍ، وهو في المعنى نعت لجملة العَدَدِ، فجَائز أن
يكون: ولَبِثُوا في كَهْفِهِمْ، مَحْمولاً على قوله: سَيَقُولُونَ ثَلاثةٌ رابعُهم كلبُهم
ْوًيقُولُونَ لَبِثوا فِي كَهْفِهِمْ وهذا القول دليله قوله: (قلِ اللَّهُ أعلَمُ بِمَا لَبِثًوا).
ويجوز - وهو الأجود عندي - أنه إخْبَارٌ عن الله أخبرهم بطول لُبْثِهِم.
وأعلَمَ أنَّهُ أعلَمُ بذلك.
وكان هذا أبلغ في الآية فيهم أن يكون الصحيح أنهم
قد لبثوا هذا العدَدَ كلَّهُ.
فأمَّا قوله: (وازْدَادوُا تِسْعاً).
فلا يكون على معنى وازْدَادُوا تسع لَيَال، ولا تسع ساعاتٍ، لأن العدَدَ
يعرف تفسيره، وإذا تقدم تفسيره استغنى بما تقدم عن إعادة ذكر التفسير.
تقول: عندي مائة درهم وخمسة فيكون الخمسة قد دل عليها ذكر
الدرهم
وكذلك قوله: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا).
قال أبو العباس محمد بن يزيد: (وَعَشْرًا) معناه وعشر مُدَدٍ، وتلك المدد كل مدة منها يوم ولَيلَة، والعرب تقول: ما رأيته منذ عشر.
وأتيته لِعَشْرٍ خَلَونَ، فيغلِّبُون الليالي على ذكر الأيام، والأيام داخلة في الليَالِي والليالي مع اليوم مُدة معلومَةْ مِنَ الدهْرِ، فتأنيث عشر يدل على أنه لا يراد به أشْهُر فهذا أحسن ما فُسِّر في هذه الآية.
وقوله: (قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (٢٦)
(أبْصِرْ بِهِ وأسْمِعْ).