وقال: هَلَكَ عَني سُلْطَانِيَهْ)، وقال: (سُلْطَاناً مُبِيناً).
فجميع ما في القرآن من ذكر السلطان مذكر، ولو كان التأنيث أكثر لكان في كتاب الله جلَّ وعزَّ.
فإن قال قائل إنما رَووْا أن السلطان بين الناس هو المونث قيل إِنما
السلطان معناه ذو السلطان. والسلطان الحجة. والاحتجاج والحجة معناهما
واحد. فأما التأنيث فصحيح، إِلا أنه أقل من التذكير، فمن قال: قضت به
عليك السلطان أراد قضت عليكَ به الحجة، وقضت عليك حجة الوالي، ومن قال قضى به عليك السلطانُ ذهب إلى معنى صاحبُ السلطانِ.
وجائز أن يكون ذهب به إِلى البرهَانِ والاحتجاجِ، أي قضى به عليك البرهان.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (١٤٥)
قال أبو عبيدة معمر بن المثَنى: جهنم أدْرَاك، أَي مَنازِل، فكل منزلة
منها دَرَك.
والقراءَة: الدرَك بفتح الراءَ. والدَّرْكُ بتسكين الراءَ، فأما أهل المدينة
وأهل البصرة فيقرأونها. .
(الدرَك) بفتح الراءَ وأما أهل الكوفة والأعمش
وحمزة ويحيى بن وثاب، فيقرأون (الدرْك).
وقد اختلف فيها عن عاصم، فرواها بعضهم عنه الدرَك ورواها بعضهم الدرْك - بالحركة والسكون جمِيعاً - واللغتان
حكاهما جميعاً أهل اللغة، إلا أن الاختيار فتح الراءَ، لِإجماع المَدَنيين
والبصرِيين عليها وأن أحداً من المحدثين ما رواها إِلا الدرَك بفتح الراءَ.
فلذلك اخترنا الدرَك.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَلَنْ تَجِدَ لَهمْ نَصِيرًا).
أي لا يمنعهم مانع من عذاب الله عزَّ وجلَّ ولا يشْفَعُ لهم شافع.