وجميع هذه الخلال قد ابتلِيَ بها إبراهيم، وقد وفَّى بما أُمِر به وأتى بما
يأتي به المؤْمن بل البر المصطفى المختار، ومعنى ابتلى اختبر.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا).
الأم في اللغة القَصْدُ، تقول: أممْتُ كذا وكذا، إذا قصدته وكذلك
قوله: (فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا) أي فاقصدوا.
والِإمام الذي يْؤتم به فيفعل أهلُه وأمته كما فعل، أي يقصدون - لمَا يقصد.
(قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ).
فأَعلم اللَّه إبراهيم أن في ذريته الظالم، وقد قرئت (لا ينال عهدي الظالمُون) والمعنى في الرفع والنصب - واحد، لأن النَّيْلَ مشتمل على العهد.
وعلى الظالمين إلا أنه منفي عنهم، والقراءَة الجيّدة هي على نصب
الظالمين؛. لأن المصحف. هكذا فيه، وتلك القراءَة جيدة (بالغة) إلا أني
لا أقرأ بها، ولا ينبغي أن يُقْرأ بها لأنها خلاف المصحف، ولأن المعنى:
أن إبراهيم عليه السلام كأنَّه قال: واجعل الإمامة تنال ذريتي (واجعل) هذا
العهد ينال ذريتي، قال اللَّه: (لا ينال عهدي الظالمين).
فهو على هذا أقوى أيضاً.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (١٢٥)
(مثابة) يثوبون إِليه، والمثاب والمثابة واحد، وكذلك المقام والمقامة.
قال الشاعر: