كأنه على قَوُمَ أو قَوِمَ، فلما اعتل فصار قام اعتل قِيَم، فأما حِوَل فهو على أنه جار على غير فعل.
وأما نصب (دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا).
فمحمول على المعنى، لأنه لما قال: هَدَاني إلى صراطٍ مستقيم، دل على عَرفَنِي ديناً قِيماً.
ويجوز أن يكون على البدل من معنى هدَاني إلى صراط مستقيم.
المعنى هداني صراطاً مستقيماً، دِيناً قِيماً، كما قال - جلَّ وعزَّ -:
(وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا).
و (مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ) بدل من (دِينًا قِيَمًا)
و (حنيفاً) مصوب على الحال من إبراهيم، المعنى هداني وعرفني ملة إبراهيم في حال حنيفيته، وهو ههنا لإبراهيم حسَن منه لغيره.
(وَمَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ).
وقد فسرنا معنى الحنيفية وأنها الميل إلى الإسلام ميلاً لا رجوع معه.
* * *
وقوله (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦٢)
قالوا: النسك الذبْحُ، والنسكُ مَا يُتَقربُ به إلى اللَّه جلَّ وعزَّ.
(وَمَحْيَايَ وَمَمَاتي).
الياء ياء الإضافة، فتحت لأن أصلَها الفتح، ويجوز إسكانها إذا كان ما
قبلها متحركاً.
يجوز (مَمَاتي) وِإن شئتَ قرأت " مَمَاتِيَ لله " بفتح الياء.
وإنْ شئْتَ أسْكنْتَ فأما يَاءُ محيايَ فلا بُدَّ من فتحها لأن قبلها ساكن.
ومعنى الآية أنه يخبر بأنه إنما يتقرب بالصلاة وسائر المناسك إلى اللَّه
جلَّ وعزَّ لا إلى غيره، كما كان المشركونَ يذبحون لأصنامهم.
فأعلم أنه اللَّهُ وحده بقوله: (لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (١٦٣)
* * *
وقوله: (قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (١٦٤)
أي هو ابتدع الأشياءَ كلها لا يقدر أحد على ابتداع شيءٍ منها.