من الناس، - أي جمع كثير مع امراة وزوجها، قد وقع بينهما اختلاف فأمر
حكمين أن يتَعَرفا أمْرهُمَا، وقال لهما اتدْرِيانِ ما عليكُمَا؟
إِنَّ عليكما إِنْ رأيتُما أَن تُفرقَا فَرقتُمَا، وإِن رَأيتُما أن تجْمعَا جَمَعْتُمَا.
وقال بعضهم على الحكمين أن يَعظَا وُيعرِّفا ما على كل واحدٍ من الزوج
والمرأَة في مجاوزةِ الحق، فإِن - رأيا أَن يفرقا فرقا، وإن رأيا أن يَجمعَا جمعاً.
وحقيقة أَمر الحكمين أنهما يقصِدان للِإصْلاح، وليس لهما طلاق وإِنما
عليهمَا أن يُعرفا الِإمامَ حقيقة ما وقفا عليه، فإن رأى الِإمام أن يفرق فرَّق، أو أن يَجمع جَمَعَ، وإِن وكَّلَهُما بتفريق أو بجمع فهما بمنزلة، وما فعلَ على
" رضي اللَه عنه " فهو فِعْلُ للِإمَامِ أنْ يَفَعَلَه، وحَسْبُنا بعلي عليه السلامُ إِمَاماً.
فلما قال لهما إِن رأيتما أن تجمعا جمعتما، وإِن رأيتما أن تُفرقا فَرقْتَمَا، كان
قد ولَّاهًما ذلك ووكَلهمَا فيه.
(إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا).
أي (عَلِيمًا) بما فيه الصلاح للخلق (خَبِيرًا) بذلك.
* * *
وقوله: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (٣٦)
أي لا تعبدوا معه غيره، فإِن ذلك يفسد عبادته.
(وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا).
المعنى أوصاكم الله بعبادته، وأوصاكم بالوالدين إِحساناً، وكذلك قوله
تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا). لأن معنى
قضى ههنا أمرَ ووَصَّى.