وقوله: (إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا (١١٧)
إِنْ يدعُونَ تقرأ إلا أُنُثاً، وإلا أُثُنَا - بتقديم الثاءِ، وتأخيرها. فمن قال
أناث فهو جمع أنثى وإِناث، ومن قال أُنُث فهو جمع إِنَاث، لأن إِناثاً على
وزن مِثال، وإنَاث وأُنث مِثْل مِثَال ومُثُل. ومن قال أُثُنا فإِنه جمع وثَن.
والأصل وُثُن، إِلا أنَّ الواو إِذا انْضَمَّتَ يجوز إِبدالها همزة، كقوله تعالى:
(وإِذَا الرُّسلُ أُقَتَتْ) الأصل وُقِّتَتْ، ومثال وُثُن في الجمع مثل سُقُف.
وجائز - أن يكون اثْن مثل أسد وأسد، وجائز أن يكون اثُن أصلها اثْن، فاتبعت الضمَّةُ الضَمَّةَ.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا).
يعني به إبليس لأنهم إِذا أطاعوه فيما سَوَّلَ لهم فقد عَبدُوه، وَيدعُونَ في
معنى يعبدُونَ، لأنهم إِذَا دَعوْا اللَّهَ مخلصين فقد عبدوه.
وكذلك قوله: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) أي اعبدُونِي.
والدليل على ذلك قوله عزَّ وجلَّ: (إِنَّ الَّذِينَ يستَكْبِرُونَ عنْ عِبادتِي).
ومعنى (مَرِيدًا) أي خارج عن الطاعة مُتَمَلِصٌ مِنْهَا، ويُقَال " شجرة مَرْدَاءُ.
إِذا تناثر ورقُها، ومن ذلك يسمى من لم تنبت له لحية أمردُ أي أملس موضعِ
اللحية، وقد مرَدَ الرجل يمردُ مُروداً إِذا عتا وخرج عن الطاعة.
* * *
(وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (١١٨)
قيل في مفروض إِن معناه مؤقت، وجاءَ في بعض التفسير من كل ألف
واحد للَّهِ وسائرهم لإبليس.