أي لا يجدون عنها مَعْدِلًا ولا مَلْجأ.
يقال حِصْتُ عَن الرجُل أحِيصُ، وروَوْا جِضْتُ عنه أجيضُ بالجيم
والضاد المعجمة، بمعنى حِصْتُ، ولا يجوز ذلك في القرآن، وإِن كان
المعنى واحداً والخط غير مخالف، لأن القرآن سنة لا تخالف فيه الرواية عن
النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه والسلف وقراءِ الأمصار بما يجوز في النحو واللُغَة، وما فيه أفْصَحُ ممَّا يَجُوزُ. فالاتباع فيه أولى.
يقال حُصْتُ أحُوصُ حوْصاً وحياصاً، إِذا خِطْتُ، قال الأصمَعي: يقال
حُصْ عين صَقْرك أي خِطْ عينه، والْحَوصُ في العَيْن ضيقُ مُؤَخرها.
والخَوصُ بالخاءِ - مُعْجمة - غُؤورُهَا.
* * *
وقوله: (لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (١٢٣)
اسم ليس مضمر، المعنى ليس ثواب الله بأمانيكم ولا أمانِي أهل
الكتاب، وقد جرى ما يدل على إِضمار الثواب، وهو قوله: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا).
أي إِنما يدخل الجنة من آمن وَعَمَل صَالحاً. ليس كما يتمنى أهل
الكتاب، لأنهم كانوا يزعمون أنهم أبناءُ الله وأحباؤه.
وقالوا: (لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً)، فأعلمَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ أن دخول الجنة وثواب الله على الحسنات والسيئات ليس بالأماني ولكنه بالأعمال.
ثم ذكر بعض ذلك فقال عزَّ وجلَّ: