البهتان الكذب الذي يُحيِّر من شِذتِه وعِظَمِه، وذلك أنَّ إليهود - لعنها
اللَّه - رمت مريم، وهي صفوة الله على نساءِ العالمين، بأمْرٍ عظِيمٍ.
وقوله: (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (١٥٧)
(إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ).
أي باعترافهم بقتلهم إياه.
(وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ).
فإنما عُذِّبوا أو يُعَذبون عذابَ من قتل، أو كان شُبِّهَ لَهم لأنهم قد أتوا
الأمر على أنَّه قتل نبي. وجاءَ في التفسير أن عيسى لما أراد اللَّه جل ثناؤه
رفعه إِليه وتطهيره منهم، قال لأصحابه؛ أيكُم يرْضَى أن يُلْقَى عليه شبهي
فَيُقْتلَ ويُصلَب ويدخل الجنة، فقال رجل منهم أنا فألقى عليه شبهه فقتل.
ورفع الله عيسى إِليه، وهذا كله غير ممتنع، لأنا لا نشك في أنه شُبِّه لَهُمْ.
وقوله: (وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ).
أي الذين اختلفوا في قتله شاكون، لأن بعضهم زعم أنَّه إِله، وما قُتِلَ.
وبَعضهم ذكر إنَّه قُتِلَ، وهم في ذلك شَاكُون.
(مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ).
(اتِّبَاعَ) منصوب بالاستثناء، وهو استثناء ليس من الأول.
المعنى ما لهم به من علم لكنهم يتبعون الظن.
وإِن رُفعَ جاز على أن يُجْعَلَ عليهم اتباعُ الظن.
كما تقول العرب: تحيتك الضربُ وعتابُكَ السيفُ.
قال الشاعر:
وخيل قد دَلَفْتُ لها بخيلٍ. . . تحية بينهم ضربٌ وجيعُ
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا).