للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: (فَقَالَ إني سَقِيمٌ).

وقد بينَّا معنى قوله: (بل فعله كبيرهم هذا).

ومعنى خطيئتي أن الأنبياء بَشَر، وقد يجوز أن يقع عليهم

الخطيئة إلا أنهم صلوات الله عليهم لا تكون منهم الكبيرة لأنهم

مَعْصُومون مُخْتَارُون على العالمين كل نبي هو أفضل من عالم أهل

دَهْرِه كُلِّهِمْ.

* * *

قوله: (وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (٨٤)

معناه اجعل لي ثناء حسناً باقياً إلى آخر الدهر.

* * *

وقوله: (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (٩٠)

معناه قُربَتْ، وتَأويله أنه قرب دخولهم إياها، ونظرهم إليها.

* * *

قوله: (وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ (٩١)

أي أظْهرت لِلضَّالينَ، والغَاوي الضال.

* * *

وقوله: (فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ (٩٤)

أي في الجحيم، ومعنى كُبْكِبُوا طُرِحَ بعضُهم على بعْض.

وقال أهل اللُّغَةِ معناه دُهْوِرُوا (١)، وحقيقة ذلك في اللغة تكرير الانكباب كأنَّه

إذا أُلقِيَ يَنْكَبُّ مرةً بعد مرةٍ حتى يسْتَقِر فيها يَسْتَجِيرُ باللَّهِ منها.

* * *

وقوله: (تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٩٧) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٩٨)

معناه واللَّه ما كنَا إلَّا في ضلالٍ مبين حيث سويناكم باللَّهِ - عز

وجل - فأعظمناكم وعبدناكم كما يُعْبَدُ اللَّهُ.


(١) قال في اللسان:
وقال الزجاج في قوله (فكُبْكِبُوا فيها هم والغَاوونَ) أَي في الجحيم قال ومعنى كبكبوا طُرِحَ بعضهم على بعض وقال غيره من أَهل اللغة معناه دُهْوِرُوا ودَهْوَرَ سَلَحَ ودَهْوَرَ كلامَه قَحَّمَ بعضَه في إِثر بعض ودَهْوَرَ الحائط دفعه فسقط وتَدَهْوَرَ الليلُ أَدبر والدَّهْوَرِيُّ من الرجال الصُّلْبُ الضَّرْب الليث رجل دَهْوَرِيُّ الصوت وهو الصُّلْبُ الصَّوْتِ قال الأَزهري أَظن هذا خطأَ والصواب جَهْوَرِيُّ الصوت أَي رفيع الصوت ودَاهِرٌ مَلِكُ الدَّيْبُلِ قتله محمد بن القاسم الثقفي ابن عمر الحجاج فذكره جرير وقال وأَرْضَ هِرَقْل قد ذَكَرْتُ وداهِراً ويَسْعَى لكم من آلِ كِسْرَى النَّواصِفُ وقال الفرزدق فإِني أَنا الموتُ الذي هو نازلٌ بنفسك فانْظُرْ كيف أَنْتَ تُحاوِلُهْ فأَجابه جرير أَنا الدهرُ يُفْني الموتَ والدَّهْرُ خالدٌ فَجِئْني بمثلِ الدهرِ شيئاً تُطَاوِلُهْ قال الأَزهري جعل الدهر الدنيا والآخرة لأَن الموت يفنى بعد انقضاء الدنيا قال هكذا جاء في الحديث وفي نوادر الأَعراب ما عندي في هذا الأَمر دَهْوَرِيَّة ولا رَخْوَدِيَّةٌ أَي ليس عندي فيه رفق ولا مُهاوَدَةٌ ولا رُوَيْدِيَةٌ ولا هُوَيْدِيَةٌ ولا هَوْدَاء ولا هَيْدَاءُ بمعنى واحد. اهـ (لسان العرب. ٤/ ٢٩٢).
وقال السَّمين:
قوله: {فَكُبْكِبُواْ}: أي: أُلْقُوا، وقُلِبَ بعضُهم/ على بعض. قال الزمخشري: «الكَبْكَبَةُ تكريرُ الكَبِّ. جَعَلَ التكريرَ في اللفظِ دليلاً على التكريرِ في المعنى». وقال ابن عطية نحواً منه، قال: «وهو الصحيحُ لأنَّ تكريرَ الفعلِ بَيِّنٌ نحو: صَرَّ وصَرصَرَ» وهذا هو مذهب الزجاج. وفي مثل هذا البناءِ ثلاثةُ مذاهبَ، أحدها: هذا. والثاني: وهو مذهبُ البصريين أنَّ الحروفَ كلَّها أصولٌ. والثالث وهو قول الكوفيين أنَّ الثالثَ مُبْدَلٌِ من مثلِ الثاني، فأصل كَبْكَبَ: كَبَّبَ بثلاثِ باءات. ومثلُه: لَمْلَمَ وكَفْكَفَ. هذا إذا صَحَّ المعنى بسقوطِ الثالث. فأمَّا إذا لم يَصِحَّ المعنى بسقوطِه كانَتْ كلُّها أصولاً من غيرِ خلافٍ نحو: سِمسِم وخِمْخِم.
وواو «كُبْكِبوا» قيل: للأصنام؛ إجراءً لها مُجْرى العقلاءِ. وقيل: لعابديها
اهـ (الدُّرُّ المصُون).

<<  <  ج: ص:  >  >>