اختبر اللَّه قُلُوبَهم فَوَجَدَهُمْ مُخْلِصِين - كما تقول: قد امتحنت هذا الذهب
وهذه الفضة. تأويله قد اختبرْتُهُمَا بأن أذَبْتُهَمَا حتى خلصت الذهَب والْفضة
فَعَلِمْتُ حَقِيقَةَ كل واحد منهما.
* * *
وقوله: (إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (٤)
يقرأ بضم الحاء والجيم، والحُجَرَاتَ بِفَتْح الجيم، ويجوز في اللغة
الحُجْرات. بتسكين الجيم - ولا أعلم أحَداً قَرأ بالتَسْكِينِ وَقَدْ فَسًرْنَا هذا
الجمع فيما تقدم من الكتاب.
وواحد الحجرات حُجْرَةٌ. ويجوز أن تكون الحُجراتُ جمع حُجَرٍ
وحُجرات، والأجود أن تكون الحُجُرَات جمع حُجرة، وأن الفتح جاز بدلاً من الصفةِ لثقل الضمَتَيْن.
وهؤلاء قوم جاءوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من بني تميم فَنَادَوْه من وراء الحجرات.
ولهم في التفسير حديث فيه طول، وجملته أنهم جاءوا يفاخرون
النبي وأنَّهمْ لم يلقَوْه بما يجب له عليه السلام.
* * *
قال: (وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥)
أي - من تاب بعد هذا الفِعْل فاللَّه غفور رحيم.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (٦)
ويقرأ فتثَبَّتُوا أَنْ تُصِيبُوا.
(قَوْماً بجَهَالةٍ).
جاء في التفسير أنها نزلت بسبب الوليد بن عقبة.
وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَهُ ساعِياً يجْبي صدقات بني المصطلق، وكان بينه وبينهم أحْنَة أي عداوة،