للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله عزَّ وجلَّ: (بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (١١٢)

أي فهذا يدخل الجنة، فإن قال قائل فما برهان من آمن في قولكم، قيل

ما بيناه، من الاحتجاج للنبي - صلى الله عليه وسلم - ومن إظهار البراهين بأنبائهم ما لا يعلم إِلا من كتاب أو وحي، وبما قيل لهم في تمني الموت، وما أتى به النبي - صلى الله عليه وسلم - من الآيات الدالة على تثبيت الرسالة، فهذا برهان من اسلم وجهه للَّهِ.

* * *

وقوله عزَّ وجلَّ: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١١٣)

يعني به أن الفريقين يَتْلُوَان التوراة، وقد وقع يينهم هذا الاختلاف

وكتابهم واحد، فدل بهذا على ضلالتهم، وحذر بهذا وقوع الاختلاف في

القرآن، لأن اختلاف الفريقين أخرجهما إلى الكفر.

فتفهموا هذا المكان فإن فيه حجةً عظيمة وعِظَةً في القرآن.

* * *

وقوله عزَّ وجلَّ: (كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ).

يعني به الذين ليسوا بأصحاب كتاب، نحو مشركي العرب والمجوس.

المعنى أن هؤلاء أيضاً قالوا: لن يدخل الجنة إلا من كان على ديننا.

وقوله عزَّ وجلَّ: (فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ).

المعنى يريهم من يدخل الجنة عِياناً، ويدخل النار عيانا.

وهذا هو حكم الفصل فيما تصير إليه كل فرقة، فأما الحكم بينهم في العقيدة فقد بينه اللَّه عزَّ وجلَّ - فيما أظهر من حجج المسلمين، وفي عجز الخلق عن أن يأتوا بمثل القرآن.

* * *

وقوله عزَّ وجلَّ: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١١٤)

موضع (مَنْ) رفع ولفظها لفظ استفهام، المعنى: وأي أحد أظلم ممن منع

<<  <  ج: ص:  >  >>