أي أيُّ شيء لكم في الاختلاف في أمرهم (وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا).
وتأويل " أركسهم " في اللغة نَكسَهُم وردَّهم، يقال أرْكَسه ورَكَسَهُ.
ومعنى (وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا) أي ردَّهم إلى حُكم الكفار.
وقوله: (أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ).
أي أتقولون أن هُؤلاءِ مهتدون واللَّه قد أضَلَّهم.
(وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا).
أي طريقاً إلى الحجة، وقال النحوَيون في نصب " فئتين " إنها منصوبة على
الحال، وقال سيبويه: إذا قلت مالك قائماً فإنما معناه لِمَ قُمْتَ ونصب على
تأويل أي شيء يستقر لك في هذه الحال، قال غيره إِن " قائماً " ههنا منصوبٌ على جهة فِعل " مَالَ " ويجيز مالك قائماً، ومالك القائمَ يا هذا، ومالك القائمَ خطأ، لأن القائم معرفة فلا يجوز أن تقع حالا، و " ما " حرف من حروف الاستفهام لا تعمل عمل كان، ولو جاز مَالَك القَائِمَ يا هذا، جاز أن يقول ما عندكَ القائمَ، وما بِكَ القَائِمَ، وبالإجماع أن ما عندك القائمَ خطأ، فمالك القائمَ مثله لا فرق في ذلك.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (٨٩)
(فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ).
أي لا تتخذوا من هُؤلاءِ الذين احتالوا على النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى فارقوه أولياءَ.
أي لا تقولوا إنهم مؤمنون حتى يهاجروا في سبيل اللَّه، أي حتى يرجعوا إِلى
النبي - صلى الله عليه وسلم.
وقوله: (فَإِنْ تَوَلَّوْا)
أي تولوا عن أن يهاجروا، ولزموا الإِقامة على ما هم عليه (فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا).