(وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا)
يُروى عن ابن عباس أنه قال: الْحَرَج موضع الشجر الملتف، فكان
قلبَ الكافرَ لا تَصِلُ إِليه الحكمة.
كما لا تصل الراعية إلى الموضع الذي يلتف فيه الشجر.
وأهل اللغة أيضاً يقولونه: الشجر الملتف يقال له ألْحَرَج.
والحرج في اللغة أضيق الضيق والذي قال ابن عباس صحيح حَسَنٌ.
فالمعنى عند أهل اللغة إنَّه ضيق جدًّا.
ويجوز حَرِجاً - بكسر الراءِ - فمن قال حَرِج فهو بمنزلة قولهم: رجل
دَنِفٌ، لأن قولك دَنَف ههنا وَحَرَج ليس من أسماءِ الفاعلين. إِنما هو بمنزلة
قولهم: رَخلٌ عَدْل أي ذو عَدْل.
وقوله: (كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ).
وَيصَّاعَدُ أيضاً، وأصله يَتَصَاعَدُ ويَتَصَعَّدُ، إِلَّا أنَّ التَاءَ تدغم في الصًاد
لقربها منها.
ومعنى كأنما يصَّعَّد في السماءِ - واللَّه أعلم - كأنه قد كلف أن يَصْعَد
إِلى السماءِ إذَا دُعِيَ إلى الِإسلام مِنْ ضِيق صَدْرِهِ عنه.
ويجوز أن يكون - واللَّه أعلم - كأنَّ قلبه يصعد في السماءِ نبُوًّا على الِإسلام واستماع الحكمة.
(كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ).
أي مثل قصصنا عليك يجعل الله الرجس على الذين لا يُؤمنون.
وَالرَجْسُ اللعنةُ في الدنيا والعذابُ في الآخرة.
وقوله جلَّ وعزّ: (لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٢٧)