بعث اللَّه محمداً - صلى الله عليه وسلم - رسولاً وهو رجل من الأميين لا يتلو كتاباً ولا يخطه بيمينه، وبعثه بين قوم يَخْبُرونه ويعْرفونه بالصَدق والأمانة وأنه لم يقرأ كتاباً ولا لُقِّنَه فتلا عليهم أقاصيص الأمم السالفة، والأنبياء الماضية لا يدفع أخباره كتاب من كتبِ مخالفته، فأَعلم اللَّه أنه مَنَّ على المؤمنين برساله من قد عُرِفَ أمرُه، فكان تناول الحجة والبرهان وقبول الأخبار والأقاصيص سهلا من قِبَلِه.
وفي ذلك أعظم المنة.
وقد جاءَ في التفسير إنَّه يراد رسول من العرب ولو كان القصد في ذلك
- واللَّه أعلم - أن أمره إنما كانت فيه المنة أنه من العرب لكان العجم لا حجة عليهم فيه.
ولكن الأمر - واللَّه أعلم - أن المنَّة فيه أنه قد خُبِرَ أمْرهُ وشَأنهُ وعَلِمَ
صدقهُ، وأتى بالبراهين بعد أن قد علموا إنَّه كان واحداً منهم.