(وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ).
ثم بين الله عزَّ وجلَّ كيف استجابةُ الأصْنَامِ لأنَّهمُ دَعَوُا الأصْنَام من دون
اللَّه فقال:
(إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ)، إلا كما يستجاب الذي يبسط كَفَّيْه إلى المَاء يَدعو الماء إلى فيه.
والماء لا يستجيب، فأَعلم اللَّه - عزَّ وجلَّ - أن دعاءهم الأصنام كَدُعَاءِ
العَطْشَانِ الماءَ إلى بُلوغ فيه، (وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ).
وقال بعضهم: إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه كإنسان على شفير بئر
يدعو الماء من قرار البئر ليبلغ فاه، والتَفْسِيرَانِ وَاحِد.
* * *
وقوله - عزْ وجل: (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (١٥)
جاء في التفسير أن المؤمن يسجد طوعاً، والكافر يسجد كرهاً، وجاء أن
مِنَ النَّاسِ مَنْ دَخَل في الإِسلام طوعاً ومنهم من لم يدخل حتى فحص عن
رأسه بالسيف، أي فسجَدَ ودَخَلَ في الإِسلام في أول أمرِه كرهاً.
وجائز - واللَّه أعلم - أن يكون (طَوْعًا وَكَرْهًا) أن يكونَ السُّجودُ الخُضُوعَ لِلَّهِ، فمن الناس من يخضع ويقبل أمر اللَّه فيما سهل عليه، ومنهم من تَقَبَّلَهُ وإن كانَ عليه فيه كُرْهٌ.
(وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ).
أي وتسجد ظلالهم. وجاء في التفسير أن الكافر يسجد لغير اللَّه، وظله
يسجد للَّهِ، وقيل وظلالهم أشخاصهم، وهذا مخالف للتفسير.
* * *
وقوله: (قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (١٦)
(أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ).
أي هل - أو أغير الله خلق شيئاً فاشتبه عليهم خلق الله من خلق غيره.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ -: (قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ).