قوله: {رَأَوْهُ}: أي: الموعودَ أو العذابَ زُلْفَةً أي: قريباً، فهو حالٌ ولا بُدَّ مِن حَذْفِ مضافٍ أي: ذا زُلْفَةٍ، أو جُعِل نفسَ الزُّلْفَةِ مبالغةً. وقيل: «زُلْفَةً» تقديرُه: مكاناً ذا زُلْفَةٍ فينتصِبُ انتصابَ المصدرِ. قوله: {سِيئَتْ} الأصلُ: ساء أي: أحزنَ وجوهَهم العذابُ ورؤيتُه. ثم بُنِي للمفعول. و «ساء» هنا ليسَتْ المرادِفَةَ ل «بِئْسَ» كما عَرَفْتَه فميا تقدَّم غيرَ مرةٍ. وأَشَمَّ كسرةَ السينِ الضمَّ نافعٌ وابنُ عامرٍ والكسائيُّ، كما فعلوا ذلك في {سياء بِهِمْ} [هود: ٧٧] في هود، وقد تقدَّم، والباقون بإخلاصِ الكسرِ، وقد تقدَّم في أولِ البقرةِ تحقيقُ هذا وتصريفُه، وأنَّ فيه لغاتٍ، عند قوله: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ} [البقرة: ١١]. قوله: {تَدَّعُونَ} العامَّةُ على تشديدِ الدالِ مفتوحةً. فقيل: من الدَّعْوى أي: تَدَّعُون أنه لا جنةَ ولا نارَ، قاله الحسن. وقيل: من الدعاءِ أي: تَطْلبونه وتستعجلونه. وقرأ الحسن وقتادة وأبو رجاء والضحاك ويعقوبُ وأبو زيدٍ وابنُ أبي عبلةَ ونافعٌ في روايةِ الأصمعيِّ بسكونِ الدالِ، وهي مؤيِّدَةٌ للقولِ: إنَّها من الدعاء في قراءةِ العامَّة. اهـ (الدُّرُّ المصُون).