موضع " الذين " نصب، فيكون المعنى جزاؤهم الذي وَصفَنَا إِلَّا التَائِبين.
ثم قال بعد: (أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
واللَّه جلَّ وعزَّ، جعل التوبةَ لك، فادْرَأوا عنهم الحدود التي وجبت عليهم في كُفرهم ليكون ذلك أدعى إِلى الدخول في الِإسلام.
وجَعَل توبة المؤمنين من الزنا والقتل والسرقة لا ترفع عنهم إِقامة
الحدود عليهم، وتدفع عنهم العذاب في الآخرة، لأن في إِقامة الحدود
الصلاح للمؤمنين، والحياةَ، قال الله جل ثناؤه:
(وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ).
* * *
وقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٣٥)
معناه اطلبوا إِليهِ القُرْبةَ.
(وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
أي لعلكم تظفرون بعَدُوكم، والمُفْلح الفائز بما فيه غايةُ صلاح حاله.
* * *
وقوله: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٣٨)
اختلف النحويون في تفسير الرفع فيهما.
قال سيبويه وكثير من البصريين إِن هذا وقوله: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ).
وقوله: (وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا).
هذه الأشياء مرفوعة على معنى:
وفيما فَرض اللَّه عليكم السارقُ والسارقة، والزانِيَةُ والزانِي، أو السارق
والسارقة فيما فرض اللَّه عليكم.
ومعنى قولهمْ هذا: فيما فرض عليكم حكم السارق والسارقة.
وقال سيبويه: الاختيار في هذا النصبُ في العربيَّة.
كما تقول زيداً أضربْهُ، وقال أبتِ العامَّةُ القراءَة إِلاَّ بالرَّفْع، يعني بالعامة