وقال غيره: كَأن السِّرَ كناية عن الجماع - كما أن الغائطَ كناية عن
الموضع وهذا القول عندي صحيح.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ).
معناه: لا تَعْزموا على عَقْدِ النكاح، وحذف " عَلَى " استخفافاً كما تقول:
ضرب زيد الظهر والبطن، معناه على الظهر والبطن، وقال سيبويه: إِن الحذف في هذه الأشياءِ لا يقاس.
وقوله عزَّ وجلَّ: (حَتَّى يَبْلُغَ الكتابُ أجَلَهُ).
فعناه حتى يبلغ فرض الكتاب أجله، ويجوز أن يكون الكتاب نفسه في
معنى الفرض، فيكون المعنى حتى يبلغ الفرضُ أجلَه -
كما قال: عزَّ وجلَّ: (كُتِبَ عَلَيْكُم الصِّيَامُ) أي فرض عليكم، وِإنَّمَا جَازَ أن يَقَعَ (كُتِبَ) في معنى فُرِضَ، لأن ما يكتب يقع في النفوس أنه ثَبَتَ، ومعنَى هذا الفرض الذي يبلغ أجله أيام عدة المطلقة والمتوفي عنها زوجها.
* * *
ْوقوله عزَّ وجلَّ: (لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (٢٣٦)
فقد أعلم الله في هذه الآية أن عقد التزويج بغير مهر جائز، وأنه لاَ إِثْم
على من طلق من تزوج بها من غير مهر كما أنه لا إِثم على من طلق من تزوج
بمهر، وأمر بأن تمتع المتزوج بها بغير مهر إذا طلقت ولم يدخل بها فقال اللَه
عزَّ وجلَّ: (ومَتعُوهُن على المُوسِع قَدَرُه وعلى المُقْتِر قَدَرُه).
و (قَدرُهُ)، يُقْرآن جميعاً، فقالوا إِن التَمتُّعَ يَكونُ بأشياءَ بأنْ تَخدَم المرأة