وقوله عزَّ وجلَّ: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٧٤)
(الذين) رفع بالإبتداء، وجاز أن يكون الخبر ما بعد الفاءِ، ولا يجوز في
الكلام " زيد فمنطلق " لأن الفاءَ لا معنى لها -، وإنما صلح في الذين لأنها تأتي بمعنى الشرط والجزاءِ.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٢٧٥)
المعنى الَّذين يأكلونَ الرِّبَا لا يقومون في الآخرة إلا كما يقومُ المَجْنُون.
مِنْ حَالِ جُنُونه.
زعم أهل التفسير أن ذلك عَلَمٌ لهُمْ في الموقف، يَعْرفُهُمْ به
أهل المَوْقِف، يُعْلَمُ بِه أنَّهُمْ أكَلَةُ الربا في الدنيا يقال بِفُلان مَس، وهو ألْمَس
وأوْلَق إذا كان به جنون.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى).
جاز تذكير (جاءَه)، وقال: تعالى في موضع آخر (قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ) لأن كل تأنيث ليس بحقيقي فتذكيره جائز ألا ترى أن الوعظ
والموعظة معبران عن معنى واحد.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ).
أي قَد صُفِحَ لَه عَمَّا سَلَفَ (وأمْرُهُ إلَى اللَّه) أي اللَّه وليُّه.
ومعنى: (وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ).
أي من عاد إلى استحلال الربا فهو كافر، لأن من أحلَّ ما حرَّم اللَّه فهو