(لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا).
أي لِنُرِيَ محمداً.
فأراه الله في تلك الليلة من الأنبياء، وآياتهم ما أخْبَرَ بِه في غَدِ تلكَ
الليلة أهلَ مكةَ فقالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - إن لنا في طريق الشام إبلاً فأخبرنا خبرها، فَخَبَّرهُم بخبرها، فقالوا فمتى تقدم الإِبل علينا، فأخبرهم أنها تَقدُمُ في يوم سَمَّاهُ لهُمْ مع شروق الشمس، وأنه تقدمها جمل أورق، فخرجوا في ذلك اليوم، فقال قائل: هذه الشمس قد أشرقت، وقال آخر فهذه الِإبل قد أقبلت يقدمها جمل أورق كما قال محمد - صلى الله عليه وسلم - فلم يؤمنوا بعد ذلك.
* * *
وقوله: (وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا (٢)
أي دللناهم به على الهدى.
(أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا).
أي لا تتوكلوا على غيري ولا تتخذوا مِنْ دُونِي رَبًّا.
* * *
وقوله: (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (٣)
القراءة بنصب (ذُرِّيَّةَ). وقرأ بعضهم (ذِرِّيَّةَ) - بكسر الذال - والضم أكثر.
وذُرِّية فُعْليَّة من الذر، وهي منصوبة على النداء، كذا أكثرُ الأقوالِ
المعنى: يا ذُرِّيَّةَ من حملنا مع نوح.
وإنما ذكروا بنعم اللَّه عندهم أنه أنجى أبناءهم من الغرق بأنهم حملوا مع نوح. ويجوز النصب على معنى ألا تتخِذُوا (ذُرِّيَّةً) من حملنا مع نوحٍ من دوني وكيلاً، فيكون الفعل، تعدى إلى الذريَّة وإلى الوكيل، تقول: اتخذت زيداً وكيلاً، ويجوز (أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا) على معنى:
(وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا (٢) ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ).
ويجوز الرفعُ في (ذُرِّيَّة) على البدل من الواو، والمعنى (أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا) أي لا تتخذوا من دوني وَكيلًا (ذُرِّيَّةُ)، ولا تقرأنَّ بها إلا أن تثبت بها