أنسى يُوسُفَ الشيطانُ أن يَذْكُرَ اللَّهَ.
(فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ).
اختلفوا في البِضَعْ فَقَال بعضهم: البضع ما بين الثلاث إلى الخمس.
وقال قطرب إلى السبع.
وقال الأصمعي وهو القول الصحيح: البضْعُ ما بين
الثلاث إلى التَسْع، واشتقاق البضْع والبَضْعَةِ مِنْ قَطَعْتَ الشيءَ
فمعناه القِطعَة ممن العَدَدِ، فَجُعِلَ لِمَا دُون العَشَرةِ من الثلاث إلى التًسع.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (٤٣)
(سَبْعٌ عِجَافٌ).
العجَاف التي قد بلغت في الهُزَالِ الغايةَ والنهايَةَ.
(يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ).
الملأ الذين يرجع إليهم في الأمور، ويقتدي بآرائهم.
(إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ).
هذه اللام أدخلت على المفعول لِتُبيُنَ المعنى إن كنتم تعبرون، وعابرين
ثم بين باللام فقال للرؤيا.
ومعنى عبَّرت الرؤيا وعَبَرْتُها خبرت بآخر ما يؤول إليه أمرها.
واشتققته من عَبْرِ النهْرِ، وهو شَاطِئ النهْرِ، فتأويل عبرت النَهْرَ، أي بلغتُ إلى عِبْرِه، أي شاطئه، وهو آخر عَرْضِهِ.
* * *
(قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ (٤٤)
والضغث في اللغة الحُزْمةُ والباقَةُ من الشيء، كالبقل وما أشبهه، فقالوا
له: رُؤْياكَ أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ، أي حُزَم أخلاطٍ ليست برؤيا بينةٍ.
(١) هذا رأي لبعض المفسرين، والأقرب أن الشيطان أنسى الرجل الناجي أن يذكر يوسف عند الملك، ويقوي هذا ما يأتي من قوله (وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (٤٥).