يُقِيمون الصًلاَة ويؤتُون الزكاةَ. فقال: (وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ)، على معنى، أذكُر المُقِيمينَ الصلاةَ، وهم المْؤتوْنَ الزكاة، وأنشدوا بيت
الخزنق بنت بدر بن هفان:
لا يَبْعَدَنْ قَوْمي الَّذين هُمُو. . . سُمُّ العُداة وآفَة ُ الجُزرِ
النازلين بكل معترك. . . والطيبون معاقد الأزُر
على معنى اذكر النازلين، رفعه ونصبه على المدح. وبعضهم يرفع
النازلين وينصب الطيبين، وكله واحد جائز حسن. فعلى هذه الآية.
فأما من قال إنه وهم فقد بيَّنَّا ما فيه كفاية. والذي ذكرناه من الاحتجاج
في ذلك مذهب أصحابنا البصريين.
* * *
وقوله: (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (١٦٣)
هذا جواب لهم حين سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ينزل عليهم كتاباً من السماءِ، وقد جرى ذكر ذلك قبل هذه الآية.
وهو قوله: (يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ)
فأَعلم اللَّه نبيه أن شأنه في الوحي كشأْن الأنبياءِ الذين سلفوا
قبله، وهذا احتجاج عليهم، فقال: (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ) وسائر الأنبياءُ الذين ذكروا في هذه الآية.
وقوله: (وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا).
القراءَة فيه بفتح الزاي وضمها، وأكثر القراء على فتح الزاي.
وقد قرأت جماعة زُبُوراً بضم الزاي، منهم الأعمش وحمزة، فمن قرأ زَبُوراً، بفتح الزاي فمعناه كتاباً، وهذا الوجه عند أهل اللغة، لأن الآثار كذا جاءَت زَبُور دَاوُدَ، كما جاءَ تَوْراةُ موسَى وإِنْجِيل عِيسى.