للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: (قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ (٩٥)

معنى ما خطبك ما أمرك الذي تخاطب به.

* * *

(قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (٩٦)

يقال: قَدْ بَصُر الرجلَ يَبْصُرُ إذا كان عليما بالشيء، وأبْصَرَ يُبْصِرُ إذا نظر.

والتأويل علمتُ بما لم يعلموا به، وكان رأى فرس جبريل عليه السلام فقبض

فبضة من تراب حافر الفرَسِ، يقال: قبضت قبضةً، وقَبَصْتُ قَبْصَةً - بالصاد غير معجمةٍ - فالقبضة بجملة الكف، والقبصة بأطراف الأصَابع. ويقرأ بالصاد والضاد، وفيه وجه آخر لم يقرأ به فيما علمت، يجوز فقبصتُ قَبْصَةً وقُبْصَةً، ولكن لا يجوز القراءة بها - إن كان لم يقرأ بها - فالقبضة قبض الشيء مرةً واحدةً، والقُبْصَةُ مقْدَارُ مَا يقبصُ، ونظير هذا قوله عزَّ وجلَّ: (إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ)، و (غَرْفَةً بِيَدِه) (١).

(فَنَبَذْتُهَا).

ألْقَيْتُها في العِجْل لتَخُورَ.

(وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي).

أي زيَّنَتْ لي نَفْسِي، ومثله: (الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ).

* * *

(قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (٩٧)

وأنَّ لك، ويجوز لا مَسَاس، ِ وأنَّ لك - بفتح الميم وكَسْرِ السين الآخرةِ

على وزن دَرَاكِ وتَراكِ، والتأويل أن موسى عليه السلام حرَّم مُخَالَطةِ

السامِرِيِّ، فالمعنى إنك في الدنيا لا تخالط جزاءً لفعلك.


(١) قال السَّمين:
قوله: {بَصُرْتُ}: يقال: بَصُرَ بالشيءِ أي عَلِمه، وأبصرَه. أي: نظر إليه. كذا قاله الزجاج. وقال غيره: «بَصْرَ به وأبصره بمعنى علم».
والعامَّةُ على ضم الصاد في الماضي ومضارعِه. وقرأ الأعمش وأبو السَّمَّال «بَصِرْتُ» بالكسر، يَبْصَروا بالفتح وهي لغة. وعمرُو بن عبيد بالبناء للمفعول في الفعلين أي: أُعْلِمْتُ بما لم يُعْلَموا به.
وقرأ الأخَوان «تَبْصُروا» خطاباً لموسى وقومه أو تعظيماً له كقوله: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النسآء} [الطلاق: ١] و [قوله]:
٣٣١٤. . . . . . . حَرَّمْتُ النساءَ سواكُمُ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
والباقون بالغَيْبة عن قومه.
والعامَّةُ على فتحِ القافِ من «قَبْضَة» وهي المرَّةُ من قَبَضَ. قال الزمخشري: «وأمَّا القَبْضَةُ فالمَرَّةُ من القَبْض، وإطلاقُها على المقبوضِ مِنْ تسمية المفعولِ بالمصدر» قلت: والنحاة يقولون: إن المصدرَ الواقعَ كذلك لا يُؤَنَّثُ بالتاء تقول: هذه حُلَّةٌ نَسْجُ اليمن «ولا تقول: نَسْجَةُ اليمن. ويعترضون بهذه الآية، ثم يُجيبون بأنَّ الممنوعَ إما هو التاءُ الدالةُ على التحديدِ لا على مجرد التأنيث. وهذه التاءُ دالَّةٌ على مجردِ التأنيث، وكذلك قوله: {والأرض جَمِيعاً قَبْضَتُهُ} [الزمر: ٦٧].
وقرأ الحسن» قُبْضَة «بضم القاف وهي كالغُرْفَة والمُضْغة في معنى المَغْروف والمقبوض. ورُوي عنه» قُبْصَة «بالصاد المهملة. والقَبْضُ بالمعجمة بجميع الكفِّ، وبالمهملة بأطرافِ الأصابع. وله نظائر كالخَضْمِ وهو الأكلُ بجميع الفمِ، والقَضْمِ بمقدَّمِه. والقَصْمُ: قطعٌ بانفصالٍ، والفَصْمُ بالفاء باتصالٍ. وقد تقدم شيءٌ من ذلك في البقرة. اهـ (الدُّرُّ المصُون).

<<  <  ج: ص:  >  >>