للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

معنى الظَهِير: المُعينُ، لأنه يتابع الشيْطَانَ ويعاونه على مَعْصِية اللَّه، لأن

عِبَادَتَهم للأصْنَامِ معاونة لِلشَيْطَانِ.

* * *

وقوله عزَّ وجلَّ: (الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا (٥٩)

(الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا).

ويجوز " الرَّحْمَنِ فَاسْأَلْ "، فمن قال: (الرَّحْمَنُ) فهو رَفْع من جِهَتَيْن:

إحْدَاهما عَلَى البَدَلِ مِما في قوله: (ثم استوى)، ثم بَينَ بقوله الرحْمَنُ.

ويجوز أن يكون ابتداء و (فَاسْأَلْ به) الخبر.

والمعنى فاسأل عنه خبيراً.

ومن قالَ " الرحْمَنِ " فهو على معنى: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ (الرحْمَنِ). صفة للْحَيِّ.

* * *

وقوله عزَّ وجلَّ: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا (٦٠)

(تَأْمُرُنَا) وتقرأ (يأمرنا) (١)، والرحمن اسم من أسماء الله مذكور في الكُتُبِ الأوَلِ ولم يكونوا يعرفُونَهُ من أسماء اللَّه فقيل لهم إنَه من أسماء الله، (قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى).

ومعناه عند أهل اللغة ذو الرحْمَة التي لا غاية بعدها في الرحْمَةِ، لأن

فَعْلَانَ بِنَاءٌ مِنْ أَبْنِيَةِ المُبَالَغَةِ، تقول: رَجُلْ عَطشان وَرَيَّان إذا كان في النهايَةِ

في الريِّ والعَطَشِ، وكذلك فَرْحَان وَجَذْلَان وخزيان، إذا كان في غَاية الفرح أو في نهاية الخِري.

* * *

وقوله: (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا (٦١)

البروج: قيل هي الكواكب العظام، والبَرَج تباعد بين الحَاجِبَيْن، وكل

ظاهر مرتفع فقد بَرَجَ، وإنما قيل لها بُرُوج لظهورها وتباينها وارتفاعها.


(١) قال السَّمين:
قوله: {لِمَا تَأْمُرُنَا}: قرأ الأخَوان «يأْمُرُنا» بياءِ الغَيْبة يعني محمد صلَّى الله عليه وسلَّم. والباقون بالخطاب يعني: لِما تأمرنا أنت يا محمد. و «ما» يجوزُ أَنْ تكونَ بمعنى الذي. والعائدُ محذوفٌ؛ لأنه متصلٌ؛ لأنَّ «أَمَرَ» يَتَعَدَّى إلى الثاني بإسقاطِ الحرفِ. ولا حاجةَ إلى التدريجِ الذي ذكره أبو البقاء: وهو أنَّ الأصلَ: لِما تَأْمُرنا بالسُّجودِ له، ثم بسجودِه، ثم تَأْمُرُناه، ثم تأْمُرُنا. كذا قَدَّره، ثم قال: هذا على مذهبِ أبي الحسن، وأَمَّا على مذهبِ سيبويهِ فَحَذْفُ ذلك مِنْ غيرِ تَدْريج «. قلت: وهذا ليس مذهبَ سيبويه. ويجوزُ أَنْ تكونَ موصوفةً، والكلامُ في عائِدها موصوفةً كهي موصولةً. ويجوز أَنْ تكونَ مصدريةً، وتكونَ اللامُ للعلةِ أي: أَنَسجُدُ مِنْ أجلِ أَمْرِكَ، وعلى هذا يكونُ المسجودُ له محذوفاً. أي: أَنَسْجُدُ للرحمن لِما تَأْمُرُنا. وعلى هذا لا تكونُ» ما «واقعةً على العالِم. وفي الوجهين الأوَّلَيْن يُحْتمل ذلك، وهو المتبادَرُ للفَهْمِ.
اهـ (الدُّرُّ المصُون).

<<  <  ج: ص:  >  >>