وقوله: (يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ (٦٢)
قال بَعْضُ النحويينَ: إِن هذه اللامَ بِمعنَى القَسَم، أيْ يَحْلِفُون بالله
لكم لَيُرْضُنَّكُمْ وهذا خطأٌ لأنهم إِنَّمَا حَلَفُوا أنَّهُمْ مَا قالُوا ما حُكِي عنهُمْ
ليُرْضُوكُمْ باليمين، ولم يَحْلِفُوا أنَّهُمْ يُرضُون فيما يستقبل.
(وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ).
وقوله: (إنْ كانوا مُومِنِين).
أي إِن كانوا على ما يُظْهرُون فكان ينبغي ألا يَعِيبُوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فيكونون بتوليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وتَرْكِ عَيْبِه مؤمنين.
ويجوز في قَوْله (وَرَحْمةٌ) الجر على العطف عَلَى (خَيْر). فيكون المعنى
قل أُذُن خير لكم وأذُنُ رَحْمَةِ للمؤْمنين.
وقوله: (أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ)، ولم يَقُل يُرْضوهُمَا، لأن المعْنَى يَدُلُ عليه
فحذف استخفافاً، المعنى واللَّه أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ، وَرَسُوله أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ، كما قال الشاعر:
نحن بما عندنا وأنت بما. . . عندك راضٍ والأمرَ مختلفُ
المعنى نحن بما عندنا راضون وأنت بما عندك رَاضٍ.
* * *
وقوله: (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ (٦٣)
معناه من يعادي اللَّه ورَسوله، ومن يشاقِق الله ورَسُولَه.
واشتقَاقُه من اللغَة كقولك من يجانب الله ورَسُوله، أي من يكونُ في
حَدٍّ، واللَّه ورسوله في حَدٍّ.