وقال النحويون ارتفع لعمرك بالابتداء والخَبَر محذوف، المعنى لعَمْركَ
قَسَمِي، ولعَمْرُكَ ما أقسِمَ به. وحذف الخبَرِ لِأنَّ في الكلام دليلًا عليه.
المعنى أقسم إنهم لفي سكرتهم يعمَهُونَ، ومعنى يعمهون يتحيَّرون.
وباب القسم قد يحذْف معه الفعل، تقول: واللَّه لأفعَلَنَّ وتاللَّه لأفعَلَنَّ، والمعنى أحلف باللَّه، وأحلف واللَّه، فيحذف أحلف لعلم المخاطب بأنك حالف، وكذلك يحذف خبر الابتداء كما ذكرنا.
* * *
وقوله: (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (٧٣)
أي أخذت قومَ لوط الصيحة بالعذاب مشرقين، يقال أشرقنا فنحن
مشرقون، إذا صادفوا شُروقَ الشمس، وهو طلوعها، كما تقول أصبحنا إذا صادفوا الصبح. يقال شَرَقَتِ الشمس إذا طلعت وأشرقت بمعنى واحدٍ، إلا أن معنى " مُشْرِقِينَ " في معنى مصادفين لطلوع الشمس.
* * *
وقوله: (فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ (٧٤)
معنى (مِنْ سِجِّيلٍ) من طين عليه كتاب. واشتقاق ذلك من السجل.
ودليل هذا التفسير قوله: (حِجَارَةً مِنْ طِينٍ (٣٣) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ).
فأعلم أنها مِن طين وأنها مسومة أيْ مُعلَّمَةٌ لعلامات الكتاب.
* * *
(إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (٧٥)
قيل المتوَسِّمونَ المتفَرسُونَ، وقيل المتفكرون. وحقيقته في اللغة
المتوسمون النظَّارُ المتثَبِّتون في نظرهم حتى يعرفوا حقيقة سمة الشيء تقول
توَسَّمْت في فلان كذا وكذا، أي عرفت وسم ذلك فيه.