وقال بعضهم: هذا ذُكرَ ليفصل بين القريب من القرابة، والقريب من القُرْبِ، وهذا غلط، أن كل ما قَرُبَ من مكان أوْ نَسَبٍ فهو جارٍ على ما يصيبه من
التأنيث والتذكير.
* * *
وقوله: (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٥٧)
(بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ).
و (نُشْرًا) أيضاً بضم النون وفتحها - وقرأ عاصم بُشْرًى بالياء.
فمن قرأ (نُشْرًا) فالمعنى وهو الذي يُنْشِر الرياح مُنْشَرةً نشْراً.
ومن قال نُشْراً فهو جمع نشورٍ ونُشُرٍ.
ومن قرأ بُشْراً فهو جمع بشيرةٍ وبُشُرٍ كما قال جلَّ وعزَّ: (وَهُوَ الَّذِي
يُرْسِلُ الريَاحَ بُشْرًا).
وقوله: (بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِه).
أي بين يدي المطر الذي هو رحمة، (حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا) أي حتى إِذا
أَقَلَّتْ الريح سَحَابًا، يقال: أقل فلان الشيء إِذا هو حمله، وفلان لا يَسْتقلُّ
بحَمْلِه.
فالمعنى حتى إِذا حملت سحاباً ثقالاً، والسحاب جمع سحابة.
(ثِقَالًا) أي ثقالًا بالماءِ.
(سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ).
ومَيْتٍ جميعاً.
(فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ).
جائز أن يكون: فأنزلنا بالسحاب الماءَ، فَأخْرَجْنَا بِه مِنْ كل الثمَرَاتِ.
الأحسن - واللَّه أعلم - فأخرجنا بالماءِ من كل الثمرات، وجائز أن يكون
أخرجنا بالبلد من كُل الئمرات، لأن البَلَدَ ليس يُخَصُّ به ههنا بلَدٌ سوى سائر البُلْدَانِ.