عنك أي ما استتر عنك، وليس من الأضداد كما يقول بعض أهل اللغة، قال النابغة:
حَلَفْت فلمْ أترك لنفسك ريبةً. . . وليس وراءَ الله للمرء مَذْهَبُ
أي ليس بعد مذاهب الله للمرء مذهب.
(وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ).
أي مما يسيل من أهل النَّار من الدَّم والقيح.
* * *
(يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (١٧)
أي لا يقدر على ابتلاعه، يقال ساغ لي الشراب وَأسَغْتُه.
(وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ).
أي من بعد ذلك.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (١٨)
(مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ)
فهو مرفوع على معنى وفيما يتلى عليكم مثل الذين كفروا بِرَبِّهم، أو
مَثَل الذين كفروا بربهم - فيما يتلى عليكم، وجائز أن يكون - واللَّهُ أعلم - مثل الذين كفروا بربهم صفة الذين كفروا بربهم أعمالهم، كأنك قلت: " الذين كفروا بربهم أعمالهم "، كما تقول صفة زيد أسمر، المعنَى زيدٌ أسمَرُ وتأويله أن كل ما يتقرب به الذين كفروا إلى اللَّه فمُحْبَطٌ.
قال الله عزَّ وجلَّ: (حَبِطَتْ أَعْمَالُهُم فِي الدُّنْيَا والآخِرَة).
ومثله: (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ).