وقوله: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ).
يعني بهم هُؤلاءِ الذين هم علماء إليهود، لأنهم قد علموا أن رسالة
النبي حق، وإِنما كفروا حسداً - كما قال الله عزَّ وجلَّ - وطلبا لدوام رياستهم وكسبهم، لأنهم كانوا - يتكسبون بإِقامتهم على دينهم فقيل
وَمَنْ أظَلَمُ مِمَن كَتَمُ أمرَ النّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ولا أحدَ أظْلَم مِنْه وقوله: (وَمَا اللَّه بغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُوْنَ).
يعني: من كتمانكم ماعلمتمه من صحة أمرالنبي - صلى الله عليه وسلم -.
* * *
وقوله: (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٤١)
المعنى: لها ثواب ما كسبت، ولكم ثواب ما كسبتم.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٤٢)
فيه قولان، قيل يعني به:
كفار أهل مكة، وقيل يعني به: إليهود والسفهاءَ واحدهم سفيه، - مثل شهيد وشهداءُ، وعليم وعلماءُ.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا)
معنى؛ (مَا وَلَّاهُمْ): ما عدلهم عنها يعني قبلة بيت المقدس.
لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أُمِرَ بالصلاة إِلى بيت المقدس، لأن مكة وبيت الله الحرام كانت العرب آلِفةً
لِحجّهِ، فأحبَّ اللَّهُ - عزَّ وجلَّ - أن يمتحن القوم بغير ما ألفوه ليظهر من يتبع
الرسول - صلى الله عليه وسلم - ممن لا يتبعه، كما قال اللَّه عزَّ وجلَّ: (وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ)
فامتحن الله ببيت المقدس فيما روى لهذه العلة، والله أعلم.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ).
معناه حيث أمر الله أن يُصَلَّى وُيتَعَبَّدُ، فهو له، وعالم به، وهو فيه كما