أي تَحْمِلُهمْ على المعاصي حَمْلاً شَدِيداً، تَزعجهم
في شدّةِ الغَى.
ويجوز إِنَا جعَلْنَا الشَيَاطِينَ أوليَاءَ لفَذِينَ لَا مهلؤمِنُونَ، أيسوينا بين
الشياطين والكافرين في الذهاب عن اللَّه. كما قال: (المنَافقون وائنَافِقَات
بعْضُهُم منْ بَعْضٍ).
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٢٨)
معنى الفاحشة ما يشتد قبحه من الذنوب.
(قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا).
فأعلم اللَّه - عزَّ وجلَّ - أنه لا يأمر بالفحشَاءِ لأن حكمتَه وجميعَ ما خلق
تدل على أنه لاَ يفعلُ إلا المسْتَحسَنَ، فكيف يأمر بالفحشاءِ.
وقد احتج عليهم في غير هذا الموضوع بما قد بينَّاه في سورة الأنعام.
* * *
وقوله: (قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (٢٩)
أي بالعَدْلِ، فكيف يأمُرُ بالفَحشاءِ من يعْلَم أنه لا يفعل إلا الحكمة.
ولا يثبت إِلا العدلَ مِنْ أمْرِه، فإِذا كان يأمر بالعدل - والعدْل ما قام في النفوس أنه مستقيم لا ينكره مميز - فكيف بالفحشاءِ، والفحشاء ما عظم قبحه.
ثم وبَّخَهُم فقال:
(أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ).
أي أتكْذِبونه.
وقوله: (وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ).
أي وَقْتَ كل صَلَاةٍ اقصدوه بصلاتكم.