وعلى ما أراده من الإسراع ولو أراد خلق الدنيا - السَّمَاوَات والأرْض - في قدر لمح البصر لقدر عَلَى ذلك ولكنَّ العباد خوطبوا بما يعقلون، فأعلمهم الله
سهولة خلق الأشياء عليه قبل أن تَكُونَ، فأعلم أنه متى أراد الشيء كان، وأنه إذا قال كن كان. ليس أن الشيء قبل أن يخلق كان موجوداً.
إنما المعنى: إذا أردنا الشيء نقول من أجله " كن " أيها المُرادُ فيكون على قدر إرادة اللَّه، لأن القَوْمَ أعنِي المشركِين أنكروا البعث، (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ).
وهو معنى قوله: (وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ)
أي كانوا يحلفون أنهم لا يبعثون.
ولقد جاء في التفسير أن الحنثَ الشرْكُ لأن من اعْتَقَدَ
هذا فضلاً أن يحلف عليه فهو مشرك. فقال جلَّ وعلا.
(بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا).
أي بلى يبعثهم وعداً عليه حقاً، و (حَقًّا) منصوب مصدر مؤكد لأنه إذا قال
يبعثهم دل على " وعد بالبعث وعداً ".
* * *
وقوله: (وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (٤١)
هؤلاء قوم كان المشركون يعذبونهم على اعتقادهم الإيمان منهم صهيب
وبلال، وذلك أن صُهَيباً قال لأهل مكة: أنا رجل كبير، إن كنت معكم لم
أنفعكم، وإن كنت عليكم لم أضركم، خذوا مالي وَدَعُوني فأعطاهم ماله
وهاجر إلى رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فقال له أبو بكر الصديق: رَبِحَ البيع يا صُهيب، وقال عمر: نعم الرجل صهيب لو لم يخف الله لم يعصه، تأويله لو أنه أمن