للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: (إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (٥٩)

يعني به عيسى ابن مريم.

ومعنى (وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ) أنه يدلهم على نبوته.

* * *

(وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (٦٠)

معنى (يَخْلُفُونَ) يخلف بعضهم بعضاً، والمعنى لجعلنا منهم بَدَلًا

منكم.

* * *

(وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١)

ويقرأ (لَعَلَمٌ لِلسَّاعَةِ) المعنى أن ظهورَ عيسى ابن مريم عليه السلام علَمٌ

لِلسَّاعَةِ، أي إذا ظهر دَلَّ على مجيء الساعة.

وقد قيل إنه يعني به أن القرآن العَلَمُ للساعة يدل على قرب مجيئها، والدليل على ذلك قوله: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ).

والأول أكثر في التفسير (١).

وقوله: (فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا) أي لا تَشُكُّنَّ فيها.

* * *

وقوله عزَّ وجلَّ: (وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (٦٣)

قوله جاء (بالحكمة) أي بالإنجيل وبالبينات أي الآيات التي يعجز عنها

المخلوقون.

وقالوا في معنى (بَعْضَ الَّذي تَخْتلِفونَ فِيهِ) أي كل الذي

يختلفون فيه واستشهدوا بقول لبيد.


(١) قال السَّمين:
قوله: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ}: المشهورُ أنَّ الضمير لعيسى، يعني نزولَه آخر الزمان. وقيل الضميرُ للقرآن أي: فيه عِلْمُ الساعةِ وأهوالُها، أو هو علامةٌ على قُرْبها. وفيه {اقترب لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ} [الأنبياء: ١] {اقتربت الساعة} [القمر: ١]. وقيل: للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم. ومنه «بُعِثْت أنا والساعةُ كهاتَيْن».
والعامَّةُ على «عِلْم» مصدراً، جُعِل عِلْماً مبالغَةً لَمَّا كان به يَحْصُلُ العِلْمُ، أو لَمَّا كان شَرْطاً يُعْلَم به ذلك أُطْلِق عليه عِلْم. وابن عباس وأبو هُرَيْرَة وأبو مالكِ الغِفاري وزيد بن علي «لَعَلَمٌ» بفتح الفاءِ والعينِ أي: لَشَرْطُ وعَلامةٌ، وقرأ أبو نضرة وعكرمةُ كذلك، إلاَّ أنهما عَرَّفا باللام، فقرآ «للعَلَمُ» أي: لَلْعلامَةُ المعروفةُ.
اهـ (الدُّرُّ المصُون).

<<  <  ج: ص:  >  >>