للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عباقرة، كما أنك لو جمعت " مُهَلَّبِيّ " كان جمعه مَهَالِبَة، ولم يقل مَهَالِبيّ، فإن قال قَائِل: فمن أين جاز عبقَريَ حِسَانٌ، و " عَبْقَري " واحد، وحسان جمع؟

فالأصل أن واحده عبقريَّةٌ، والجمع عبقري، كما تقول ثَمَرَةَ وثَمَر ولوزَةٌ ولوْزٌ.

ويكون أيضاً عبقري اسماً للجنس، فالقراءة هي الأولى.

وأما تفسير (رَفْرَفٍ خُضْرٍ وعَبْقَرِيٍّ) فقالوا: الرَّفْرَفُ ههنا رياض الجنَّةِ

وقالوا: الرفرف الوسائد، وقالوا المحابس، وقالوا أيضاً فضول المحابس

للفرش.

فأما العبقري، فقالوا: البُسُط، وقالوا: الطنافِسُ المبْسُوطَةُ والذي

يدل على هذا من القرآن قوله: (وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ (١٥) وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ (١٦).

فالنمارق الوسائد، والزرابى البسط.

فمعنى " رفرف " ههنا، و " عَبْقَرِيْ " أنه الوسائد والبُسط.

ويدل - واللَّه أعلم - على أن الوسائد ذوات رَفْرَفَ.

وأصل العبقري في اللغة صفة لكل ما بولغ في وصفه، وأصله أن عبقر

اسم بلد كان يوَشَّى فيه البسط وغيرها، فنسب كل شيء جيد، وكل ما بولغ في وصفه إلى عبقر. قال زهير:

بِخَيْلٍ عليها جِنَّةٌ عَبْقَريةٌ. . . جَديرون يوماً أَن يَنالوا فيَسْتَعْلُوا

* * *

وقوله: (فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٧٧)

أي: فَبِأَيِّ نعم رَبِّكما التي عددت عليكما يا معشر الجن والِإنس تكذبان.

فإنما ينبغي أن يعظِّما الله ويمجداه، فختم السورة بما ينبغي أن يمجَّدَ به

- عزَّ وجلَّ - ويُعظَّم - فقال عزَّ وجلَّ: (تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (٧٨). (١)


(١) قال ابن الجوزي:
قوله تعالى: {تبارك اسمُ ربِّكَ} فيه قولان.
أحدهما: أن ذِكْر «الاسم» صِلَة، والمعنى: تبارك ربُّك.
والثاني: أنه أصل.
قال ابن الأنباري: المعنى: تفاعل من البَرَكة، أي: البَرَكة تُنال وتُكْتَسَب بذِكْر اسمه.
وقد بيَّنّا معنى «تبارك» في [الأعراف: ٥٤]، وذكرنا في هذه السورة معنى {ذي الجلال والإكرام} [الرحمن: ٢٧]، وكان ابن عامر يقرأ: «ذو الجلال» وكذلك هي في مصاحف أهل الشام؛ والباقون: «ذي الجلال» وكذلك هي في مصاحف أهل الحجاز والعراق، وهم متفقون على الموضع الأول أنه «ذو». اهـ (زاد المسير. ٨/ ١٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>