إن قال قائل كيف ينهاهم عن الموت، وهم إنما يمَاتُون، فإنما وقع
هذا جملى سعة الكلام، وما تكثر استعماله " العرب " نحو قولهم: " لا أريَنك
ههنا "، فلفظ النهي إِنما هو للمتَكَلِّم، وهو في الحقيقة للمُكَلَّمِ.
المعنى: لا تكونن ههنا فإن من كان ههنا - رأيته - والمعنى في الآية: ألزموا الإسلام، فإذا أدرككم الموتُ صادَفكم مُسْلمين.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (١٣٣)
ْالمعنى: بل أكنتم شهداءَ إذ حضر يعقوب الموت، إذْ قَالَ لِبَنِيهِ "
فقولك: (إذ) الثانية، موضعها نصب كموضع الأولى، وهذا بَدَل مؤَكد.
وقوله: (قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ).
القراءَة على الجمع، وقال بعضهم: (وإله أبيك) كأنه كره أن يجعل
العم أباه، وجعل إِبراهيم بدلاً من أبيك مبيناً عنه، وبخفض إسماعيل
وإسحاق، كان المعنى إِلهك وإله أبيك وإله إسماعيل، كما تقول: رأيت غلام
زيد وعمرو أي غلامهما، ومن قال: (وَإِلَهَ آبَائِكَ) فجمع وهو المجتمع عليه، جعل إبراهيم وإسماعيل وإِسحاق بدلًا، وكان موضعهم خفضاً على البدل
المبين عن آبائك.
وقوله عزَّ وجلَّ: (إِلَهًا وَاحِدًا).
منصوب على ضربين: إن شئت على الحال، كأنهم قالوا نعبد: إلهك
في حال وحدانيته، وإِن شئت على البدل.
وتكون الفائدة من هذا البدل ذكر التوحيد، فيكون المعنى نعبد إِلهاً واحداً.