وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ (٤٢)
(وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ).
يجوز أن يكون كان في معزل من دينه، أي دين أبيه ويجوز أنْ يكونَ
- وهو أشبه - أن يكون في معزل من السفينة -
(يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا).
الكسر أجود القراءة أعني كسر الياء، ويجوز كسرها وفتحها من
جهتين، إحداهما أن الأصل با بُنَيي، والياء تحذف في النداء، أعني ياء
الِإضافة، وتبقى الكسرة تدل عليها، ويجوز أن تحذَفَ الياء لسكون الراء منَ
ارْكبْ، وتقَرُّ في الكتاب على ما هي في اللفظ.
والفتح من جهتين، الأصل يا بُنيَّا فتبدل الألف من ياء الِإضافة.
العرب تقول: يا غلاما أقبل، ثم تحذف الألف لسكونها وسكون الراء.
ويقَرُّ في الكتاب على حذفها في اللفظ ويجوز أن تحذف ألف النداء كما تحذف ياء الإضافة، وإنما حذفت ياء الإضافة وألف الِإضافة في النداء كما يحْذَفُ
التنوين، لأن ياء الِإضافة زيادة في الاسم كما أن التنوين زيادة فيه، ويجوز
وجه آخر لم يقرأ به وهو إثبات الياء، يا بُنَيِّي، وهذه تَثْقُل لاجتماع الياءات.
* * *
(قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (٤٣)
أي يمنعني من الماء، والمعنى من تَغْرِيقِ الماء
(قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ).
هذا استثناء ليس من الأول، وموضع " مَنْ " نَصْبٌ المعنى لكن مَنْ رَحم
اللَّهُ، فإنه مَعْصُوم، ويكون (لاَ عَاصِمَ) معناه لا ذَا عِصْمَةٍ، كما قالوا: (عِيشَة رَاضِيَةٌ)، مَعناه مُرْضية وجاز راضية على جهة النسب أي في عيشةٍ ذات رضا.