ودليل هذا القول قوله عزْ وجلَّ: (وَإذْ قُلْتُم يا مُوسى لَنْ نُومِنَ لَكَ حَتى
نَرَى الله جَهرةً). وهذا عندي هو القول البين إنْ شَاءَ اللَّه.
* * *
وقوله: (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (١٥٥)
(فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ)
" ما " لغْوُ في اللفظ، المعنى فبنقضهم ميثاقهم حقًّا، فكما أن حقًّا لتوكيد
الأمر فكذلك " ما " دخلت للتوكيد.
وتأْويل نَقْضِهم مِيثَاقَهم أن اللَّه عزَّ وجلَّ أخذ عليهم الميثاق في أن يُبَينُوا
ما أنْزل عليهم من ذكْر النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيره.
قال اللَّه عزَّ وجل: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ).
والجالب للباءَ والعامل فيها قوله عزَّ وجلَّ: (حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ).
المعنى بنقضهم ميثاقهم، والأشياء التي ذكرت بعدَه.
وقوله " فبظلم " بدل من قوله: فبما نقضِهم.
وقوله: (قُلُوبُنَا غُلْفٌ) أي أوعية للعلم.
(بَلْ طَبعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكفْرِهِمْ).
وإِن شئت أدغمت اللام في الطاء، وكذلك: (بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا)
يُدْغَمُ فتقول: بَـ طبَعَ، وبـ تُؤثُرنَ، جعل اللَّه مجَازاتهمْ على كفرهم أن
طبع على قلوبهِم.
وقوله: (وَقوْلهم علَى مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظيماً).