للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

معناه وأبشروا بالجنة تنزلُونها نُزُلاً.

قال أبو الحسن الأخفش: (نُزُلًا) منصوب من وجهين:

أحدهما أن يكون مَنْصُوباً على المصدَرِ، على معنى لكم

ْفيها ما تشتهي أنفسكم أنزَلْناهُ نُزُلاً.

ويجوز أنْ يكون منصوباً على الحال على معنى لكم فيها ما تشتهي أَنْفُسُكُمْ منزلا نُزُلًا، كما تقول جاء زيد مشياً في معنى جاء زيد ماشياً (١).

* * *

(وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٣٣)

(وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا)

منصوب على التفسير كما تقول زيد أحسن منك وجهاً، وجاء في

التفسير أنه يعنى به محمد - صلى الله عليه وسلم - لأنه دعا إلى توحيد اللَّه، وجاء أيضاً في التفسير عن عائشة وغيرها أنها نزلت في المؤذنين.

* * *

(وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (٣٤)

و" لا " زائدة مؤكدة، المعنى لا تستوي والسيئة.

(ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ).

معناه ادفع السيئة بالتي هي أحسن.

(كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ): الحميم القريب.

* * *

(وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (٣٥)

أي ما يلقى مجازاة هذا أي وما يلَقى هذه الفعلة (إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا) أي

إِلَّا الَّذِينَ يكظمون الغيظ.

(وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ).

الحظ ههنا الجنَّة، أي وما يلقاها إلا من وجبت له الجنة.

ومعنى (ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ)، أي حَظٍّ عَظِيمٍ في الخير.


(١) قال السَّمين:
قوله: {نُزُلاً}: فيه أوجهٌ، أحدها: أنه منصوبٌ على الحالِ من الموصولِ، أو من عائدِه. والمراد بالنُزُلِ الرزقُ المُعَدُّ للنازِل، كأنه قيل: ولكم فيها الذي تَدَّعُونه حال كونِه مُعَدًّا. الثاني: أنَّه حالٌ مِنْ فاعل «تَدَّعُوْن»، أو من الضمير في «لكم» على أَنْ يكونَ «نُزُلاً» جمعَ نازِل كصابِر وصُبُر، وشارِف وشُرُف. الثالث: أنه مصدرٌ مؤكِّدٌ. وفيه نظرٌ؛ لأنَّ مصدرَ نَزَل النزولُ لا النُّزُل. وقيل: هو مصدرُ أَنْزَل.
قوله: «مِنْ غَفَورٍ» يجوزُ تعلُّقه بمحذوفٍ على أنه صفةٌ ل «نُزُلاً»، وأَنْ يتعلَّقَ بتَدَّعون، أي: تَطْلبونه مِنْ جهةِ غفورٍ رحيمٍ، وأَنْ يتعلَّقَ بما تعلَّقَ الظرفُ في «لكم» من الاستقرارِ أي: استقرَّ لكم مِنْ جهةِ غفورٍ رحيم. قال أبو البقاء: «فيكونُ حالاً مِنْ» ما «. قلت: وهذا البناءُ منه ليس بواضحٍ، بل هو متعلِّقٌ بالاستقرارِ فَضْلةً كسائرِ الفضلاتِ، وليس حالاً مِنْ» ما «. اهـ (الدُّرُّ المصُون).

<<  <  ج: ص:  >  >>