أَما نَصْبُ " يوم " فمحمول على قوله. . . (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا) أي، وَاتَّقُوا يومَ يجمَع اللَّهُ الرسل، كما قال: (وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا).
ومعنى المسألة من الله تعالى للرسل تكون على جهة التوبيخ للذين
أرسلوا إِليهم، كما قال عزَّ وجلَّ: (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (٨) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (٩).
فَإِنَّمَا تسأل ليوَبَّخ قَاتِلُوهَا، وأمَّا إِجابة الرسل وقولهم: " لَا عِلْم لَنَا "
فقد قال الناس في هذا غير قول:
جاءَ في بعض التفسير إنَّه عزَبَتْ عنهم أفهامهم لهول يوم القيامة فقالوا:
لا علم لنا مع عِلْمِك.
وقال بعضهم: لو كانت عزبت أفهامهم لم يقولوا إِنك
أنت علام الغيوب.
وَقَال بعضهم معنى قول الرسل (لا علم لنا) أي بما غاب
عَنا مِمن أرْسِلْنَا إِليه، أنت يا رَبنَا تَعْلم بَاطِنَهم ولَسنَا نعلم غيبهم إِنك أنت
علام الغيوب.
* * *
وقوله: (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (١١٠)
أمَّا نعمته على وَالِدَتِه فَإِنه اصطفاها وطهرها واصطفاها على نساءِ
العالمين، وكان رِزْةُها يأتيها من عنده وهي في محرابها.
وقوله: (إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ).
أي أيَّدتك بجبريل، جائز أن يكون قوله به، إِذ حاولت بنو إِسرائيل