تركهم الحق وإعراضهم عنه، بمنزلة من لا يُبْصر ولا يعقل.
ثم قال جلَّ وعزَّ (بَلْ هُمْ أَضَلُّ).
وذلك أن الأنعام تُبْصرُ منافِعَها ومضارَّها فتلزم بعض ما لا تُبصِرُه.
وهُؤلاءِ يعلم أكثَرُهُمْ أنَّه مُعَاندٌ فيقدمُ عَلى النَار.
وقال جلَّ وعزَّ: (فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ)
أي على عمل أهل النار.
* * *
وقوله: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٨٠)
لا ينبغي أن يدعوه أحد بما لم يصف نفسه به، أو لم يسم به نَفْسَه.
فيقول في الدعاءِ. يا الله يَا رَحْمَنُ يَا جَوَادُ، ولا ينبغي أن يقول:
" يا سبحان " لأنه لم يصف نفسه بهذه اللفظة. وتقول يا رحيم، ولا
يقول: يا رفيق، وتقول يا قوي، ولا تقول يا جَلْدُ.
* * *
وقوله: (أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (١٨٥)
أي ألم يَسْتدِلوا بما أنبأهم به من ملكوت السَّمَاواتِ والأرْض.
(وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ).
أي إن كانوا يُسَوفُونَ بالتوبة فعسى أن يكون قدْ اقترب أجَلهُمْ.
فالمعنى: أولمْ ينظروا فيما دَلَّهم اللَّه جل ثناؤه على توحيده فكفروا به
بذلك فَلعلَّهُم قد قرُبَتْ آجالُهم فيموتون على الكفر.
(فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ).