حتى تغتسلوا، إِلا أنْ لا تقدِرُوا على الماءِ، وإِلا أن تخافوا أنْ يَضرْكم الغسْلُ
إِضْراراً شديداً، وذلك لا يكونُ إِلا في حالِ مَرضٍ.
(فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا).
معنى تيمموا أقصِدُوا، والصعيد وجهُ الأرضِ.
فعلى الِإنسان في التيممِ أن يضرب بيديْه ضربةً واحِدةً فيمسح بهما
جميعاً وجهه، وكذلك يضرب ضربةً واحدةً، فيمسح بهما يديه، والطيبُ هو
النظيف الطاهر، ولا يُبَالي أكان في الموضع تراب أم لا، لأَن الصعيد ليس هو
التراب، إِنما هو وجه الأرض، تراباً كان أو غيرَه. ولو أن أرضاً كانت كلُها
صخراً لا ترابَ عليها ثم ضرب المتيممُ يده على ذلك الصخْرِ لكان ذلك
طهُوراً إِذا مسح به وجهه.
قال اللَّه عزَّ وَجَل -: (فتُصْبحَ صَعِيداً زلقاً)
فأعلمك أن الصعيد يكون زلَقاً، والصُعُداتُ الطُرُقات.
وإِنما سمي صعيداً، لأنَّها نِهايةُ ما يُصْعدُ إِليه من باطن الأرض، لا أعلم بين أهلِ اللغةِ اختلافاً في أن الصعيد وجهُ الَأرض.
(إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا).
أي يقبل منكم العفو ويغفرُ لكم، لأَن قبوله التيمُم تسهيل عليكم.
* * *
وقوله: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ (٤٤)
قال بعْضُهم: (أَلَمْ تَرَ) أَلَمْ تُخْبر. وقال أهل اللغة أَلم تَعلَمْ، المعنى الم
ينته علمك إِلى هُؤلاءِ، ومعناه أعرفْهُم. يُعنَى به علماءُ أَهلِ الكِتَاب، أَعطاهم اللَّه في كِتابِهمْ عِلْمَ نبوةِ النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه عندهم مكتوبٌ في التوراة والإنجيل يأمرُهم بالمعروف وينهَاهُم عن المنكر.