قوله: {إِذَا هوى}: في العاملِ في هذا الظرفِ أوجهٌ، وعلى كلٍ فيها إشكال. أحدُ الأوجهِ: أنه منصوبٌ بفعل القسمِ المحذوفِ تقديرُه: أُقْسِمُ بالنجم وقتَ هُوِيِّه، قاله أبو البقاء وغيرُه. وهو مُشْكِلٌ فإن فِعْلَ القسمِ إنشاءٌ، والإِنشاءُ حالٌ، و «إذا» لِما يُسْتقبل من الزمان فكيف يتلاقيان؟ الثاني: أنَّ العاملَ فيه مقدرٌ على أنَّه حالٌ من النجم أي: أُقْسِم به حالَ كونِه مستقراً في زمانِ هُوِيِّه. وهو مُشْكِلٌ مِنْ وجهين، أحدهما: أن النجم جثةٌ، والزمانُ لا يكونُ حالاً عنها كما لا يكونُ خبراً عنها. والثاني: أنَّ «إذا» للمستقبلِ فكيف يكونُ حالاً؟ وقد أُجيب عن الأول: بأنَّ المرادَ بالنجم القطعةُ من القرآن، والقرآنُ قد نَزَلَ مُنَجَّماً في عشرين سنةً. وهذا تفسيرُ ابن عباس وغيرِه. وعن الثاني: بأنها حالٌ مقدرةٌ. الثالث: أنَّ العاملَ فيه نفسُ النجم إذا أُريد به القرآنُ، قاله أبو البقاء. وفيه نظرٌ؛ لأنَّ القرآنَ لا يَعْمل في الظرف إذا أُريد به أنه اسمٌ لهذا الكتابِ المخصوص. وقد يُقال: إن النجمَ بمعنى المُنَجَّم كأنه قيل: والقرآنِ المنجَّمِ في هذا الوقتِ. وهذا البحثُ وارِدٌ في مواضعَ منها {والشمس وَضُحَاهَا} [الشمس: ١] وما بعدَه، وقولُه: {والليل إِذَا يغشى} [الليل: ١]، {والضحى والليل إِذَا سجى} [الضحى: ١]. وسيأتي في الشمس بحثٌ أخصُّ مِنْ هذا تقف عليه إنْ شاء الله تعالى. وقيل: المراد بالنجم هنا الجنسُ وأُنْشد: ٤١٢١ فباتَتْ تَعُدُّ النجمَ في مُسْتَحيرةٍ. . . سريعٍ بأيدي الآكلين جمودُها أي: تَعُدُّ النجومَ، وقيل: بل المرادُ نجمٌ معين. فقيل: الثُّريَّا. وقيل: الشِّعْرَى لذِكْرِها في قوله: {وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشعرى} [النجم: ٤٩]. وقيل: الزُّهْرة لأنها كانت تُعْبَدُ. والصحيح أنها الثريَّا، لأنَّ هذا صار عَلَماً بالغَلَبة. ومنه قولُ العرب: «إذا طَلَعَ النجمُ عِشاءً ابتغى الراعي كِساءً». وقالوا أيضاً: «طَلَعَ النجمُ غُدْيَة فابتغى الراعي كُسْيَة». وهَوَى يَهْوي هُوِيّاً أي: سقط من علو، وهَوِي يَهْوَى هَوَىً أي: صَبَا. وقال الراغب: «الهُوِيُّ سقوطٌ مِنْ عُلُوّ». ثم قال: والهُوِيُّ: ذهابٌ في انحدارٍ. والهوى: ذهابٌ في ارتفاع وأَنْشد: / ٤١٢٢. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . يَهْوي مخارِمَها هُوِيَّ الأجدَلِ وقيل: هَوَى في اللغة خَرَقَ الهوى، ومَقْصَدُه السُّفْلُ، أو مصيرُه إليه وإن لم يَقْصِدْه. قال: ٤١٢٣. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . هُوِيَّ الدَّلْوِ أسْلَمَها الرِّشاءُ وقد تقدَّم الكلامُ في هذا مُشْبَعاً. اهـ (الدُّرُّ المصُون).