ينوب عنه (لهم). المعنى وجب لهم خزي في الدنيا وفي الآخرة عذاب
عظيم، والخزي الذي لهم في الدنيا، أن يُقْتَلوا إن كانوا حَرْباً، ويُجْزَوا إن
كانوا ذمة، وجعل لهم عظيم العذاب لأنهم أظلم مَن ظلم لقوله: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ).
* * *
وقوله عزْ وجل: (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (١١٥)
يرتفعان كما وصفنا من جهتين، ومعنى (للَّهِ) أي هو خالقهما.
وقوله: (فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ).
(تُوَلُّوا) جزم بـ (أيْنَمَا)، والجوإبُ (فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ)، وعلامة الجزم في (تُوَلُّوا)
سقوط النون.
و (ثَمَّ) موضع نصب ولكن مبني على الفتح لا يجوز أن تقول ثَمًّا
زيد. وإنما بني على الفتح لالتقاءِ السَّاكنين، وثم في المكان أشارة بمنزلة هنا
زيد؛ فإذا أردت المكان القريب قلت هنا زيد، وإذا أردت المكان المتراخي
عنك قلت (ثَمَّ) زيد، وهناك زيد، فإنما منعت (ثَمَّ) الإعراب لإبهامها.
ولا أعلم أحداً شرح هذا الشرح لأن هذا غير موجود في كتبهم.
ومعنى الآية أنه قيل فيها أنه يعني به البيت الحرام، فقيل أينَما تولوا فثم
وجه الله أي فاقصدوا وجه اللَّه بِتَيَمُّمِكم القبلة، ودليل من قال هذا القول
قوله: (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ).
فقد قيل: إن قوماً كانوا في سفر فأدركتهم ظلمة ومطر فلم يعرفوا القبلة فقيل: (فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ).