للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلما اتصَلَ بهم خَبَرُه وقد خرج نحوهم قال بعضهم لبعْضٍ: قد علمتم ما بيننا

وبين هذا الرجل، فامْنعوه صَدَقَاتِكًمْ، فاتصل به ذلك فرجع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره أنهم مَنَعوه الصدقة وأنهم ارْتدُّوا، وأعَدُّوا السِّلَاحَ للحَرْبِ، فوجه رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - بخالد بن الوليد ومعه جيش، وتقدم إِليْه أن ينزل بعقوتهم ليلاً، فإن

رأى ما يدل على إقامتهم على الإسلام من الأذان والصلاة والتَّهجد أمسك عن محاربتهم، وطالبهم بصَدَقَاتِهِمْ فلما صار خَالِدٌ إليهم ليلاً سَمِعَ النداء

بِالصلَاة، ورآهم يُصَلُّونَ ويتهجَّدونَ، وقالوا له: قد استبطأنا رسالة رسول

اللَّه - صلى الله عليه وسلم - في الصدَقَاتِ، وسلموها إليه، فأنزل اللَّه - عزَّ وجلَّ - (إِنْ جَاءَكًمْ فَاسِق بِنَبَأٍ) أي بخَبرٍ (فَتَبَينوا أنْ تصِيبًوا قَوْمَاً بِجَهَالَةٍ)

أي كراهة أن تصِيبوا قوماً بِجَهَالَةٍ

وهذا دليل أنه لا يجوز أن يقبل خبر من فاسق [إلا أن] (١) يتَبَيَّن وأَنَ الثقة يجوز قبول خبرِه.

والثقةً من لم تجرب عليه شهادَةً زورٍ وَلَا يُعْرَف بفِسْقٍ وَلَا جُلِدَ في حَدٍّ، وهو مع ذلك صحيح التمييز.

* * *

وقوله عزَّ وجلَّ: (وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (٧)

أي لو أطاع مثل هذا المخبر الذي أخبره بما لا أصل له لوقعتم في

عَنَتٍ، والعَنَتُ الفساد والهَلاَكُ.

(وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ). .

هذا يعنى به المؤمنون المخلصون.

(وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ).

ويحتمل (فِي قُلُوبِكُمْ) وجهين:

أحدهما أنه دلهم عليه بالحجج القاطعة البينة، والآيات التي أتى بها النبي - صلى الله عليه وسلم - المعجزةِ.

والثاني أنه زَيَّنَهُ في قلوبهم بتوفيقه إياهم.


(١) زيادة ضرورية.

<<  <  ج: ص:  >  >>