للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي في تتمة أرْبَعةِ أَيَّام.

(سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ).

وَسَواءٍ، ويجوز الرفعُ. فمن خفض جَعَلَهُ صفَةً للأيَّامِ.

المعنى في أربعة أَئامٍ مسْتَوَياتٍ، ومن - نصب فعلى المصدر، على

معنى استوت سَواءً، واسْتِوَاءً.

ومَنْ رَفَع فعلى معنى هي سَوَاء (١).

ومعنى (لِلسَّائِلِينَ)، مُعَلًق بِقَوْله: (وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا) لكل محتاج إلى

القوتِ.

وَإنما قِيلَ (لِلسَّائِلِينَ) لأن كُلًّا يَطْلُبُ القُوتَ وَيَسْألُه.

ويجوز أن يكون للسائلين لمن سأل في كم خُلِقَت السماواتُ والأرَضُونَ؛ فقيل: خُلِقَتْ الأرْضُ في أربعة أيام سَوَاء لَا زيادَةَ فِيهَا وَلاَ نقصانَ جَوَاباً لِمَنْ سَأل.

* * *

(ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (١١)

معنى استوى عَمَدَ إلى السماءِ وَقَصَدَ.

(قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ).

على الحال مَنْصُوبٌ، وإنما قِيلَ طَائِعين دُونَ طَائِعَات، لِأنَّهُنَّ جَرَيْن

مَجْرَى ما يَعْقِل وُيميزُ، كما قيل في النجوم: (وَكُل في فَلَكَ يُسْبَحُونَ)

وقد قِيلَ (قَالَتَا أَتَيْنَا) أَيْ، نَحْنُ وَمَنْ فينَا طَائِعِينَ.

وَمَعْنَى (طَوْعًا أَوْ كَرْهًا) على معنى أَطِيعَا لما أَمَرت طَوْعاً، بمنزلة أَطِيعَا الطَاعَةَ أو تُكْرَها إكراهاً.

* * *

(فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (١٢)

(فَقَضَاهُنَّ).

فَخَلَقَهُنَّ وَصَنَعُهُنَّ.

قَالَ أَبُو ذُؤيبٍ.


(١) قال السَّمين:
قوله:» سواءً «العامَّةُ على النصبِ، وفيه أوجهٌ، أحدُها: أنه منصوبٌ على المصدرِ بفعلٍ مقدرٍ أي: استَوتْ استواءً، قاله مكي وأبو البقاء. والثاني: أنه حالٌ مِنْ» ها «في» أقواتها «أو مِنْ» ها «في» فيها «العائدةِ على الأرض أو من الأرض، قاله أبو البقاء.
وفيه نظرٌ؛ لأنَّ المعنى: إنما هو وصفُ الأيامِ بأنها سواءٌ، لا وصفُ الأرضِ بذلك، وعلى هذا جاء التفسيرُ. ويَدُلُّ على ذلك قراءةُ» سَواءٍ «بالجرِّ صفةً للمضافِ أو المضافِ إليه. وقال السدي وقتادة: سواءً معناه: سواءً لمن سألَ عن الأمرِ واستفهم عن حقيقةِ وقوعِه، وأرادَ العِبْرَةَ فيه، فإنه يَجِدُه كما قال تعالى، إلاَّ أنَّ ابنَ زيدٍ وجماعةً قالوا شيئاً يَقْرُبُ من المعنى الذي ذكره أبو البقاء، فإنهم قالوا: معناه مُسْتَوٍ مُهَيَّأٌ أمرُ هذه المخلوقاتِ ونَفْعُها للمحتاجين إليها من البشر، فعبَّر بالسائلين عن الطالبين.
وقرأ زيد بن علي والحسن وابن أبي إسحاق وعيسى ويعقوب وعمرو بن عبيد» سَواءٍ «بالخفضِ على ما تقدَّمَ، وأبو جعفرٍ بالرفع، وفيه وجهان، أحدهما: أنه على خبرِ ابتداءٍ مضمرٍ أي: هي سواءٌ لا تَزيد ولا تنقصُ. وقال مكي:» هو مرفوعٌ بالابتداء «، وخبرُه» للسائلين «. وفيه نظرٌ: من حيث الابتداءُ بنكرةٍ من غيرِ مُسَوِّغٍ، ثم قال:» بمعنى مُسْتوياتٍ، لمن سأل فقال: في كم خُلِقَتْ؟ وقيل: للسَّائلين لجميع الخَلْقِ لأنهم يَسْألون الرزقَ وغيرَه مِنْ عند اللَّهِ تعالى «.
قوله:» للسَّائلين «فيه ثلاثةُ أوجهٍ، أحدها: أنه متعلقٌ ب» سواء «بمعنى: مُسْتويات للسائلين. الثاني: أنه متعلِّقٌ ب» قَدَّر «أي: قَدَّر فيها أقواتَها لأجلِ الطالبين لها المحتاجين المُقتاتين. الثالث: أَنْ يتعلَّق بمحذوفٍ كأنه قيل: هذا الحَصْرُ لأجلِ مَنْ سأل: في كم خُلِقَتِ الأرضُ وما فيها؟. اهـ (الدُّرُّ المصُون).

<<  <  ج: ص:  >  >>