قوله: (وًيوْمَ يَحْشَرُهُمْ جَمِيعاً) هو يوم القيامة، فقال خالدين فيها مُذ يُبعثون إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ مِن مِقْدَارِ حَشْرِهِمْ من قبورِهم، ومقدارِ مدَّتِهم في محاسبتهم، وجائز أن يكون إلا ما شاءَ الله أن يعذبهم به من أصناف العذاب، كما قال
جلَّ وعزَّ: (لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (١٠٦) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ).
فيجوز واللَّه أعلم إلا ما شاءَ ربك من مقدار حشرهم ومحاسبتهم
ويجوز أن يكون إلا ما شاءَ ربك مما يزيدهم من العذاب.
وقوله: (إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ).
أي هو حكيم فيما جعله من جزائهم، وحكيم في غيره.
* * *
وقوله: (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ (١٣٠)
فقال: (رُسُلٌ مِنْكُمْ) وإِنما المرسل من الِإنس دون الجن، فإِنما جاز ذلك
لأن الجماعة تعقل وتخاطب، فالرسل: هم بعض من يعقل.
وهذا كقوله: عزَّ وجلَّ: (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ).
وَإنَّمَا يخرجُ ذَلك مِنَ الْمِلْح.
أي البحر الذي ليس بعذبٍ، فقال منهما لأن ذكرهما قَدْ جُمِعَ.
فهذا جائز في اللغة، في كل ما اتَّفَقَ في أصله كما اتفقت الجِن مع الإنس في باب التمييز.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ (١٣١)
زَعَمَ سيبويه أنَّ موضِعَ ذلك رفع.
المعنى: الأمر ذلك لأنه (لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ).
وقال بعضُهُم: يجوز أن يكون موضعها نصباً.
المعنى: قيل ذَلك لأنه